يوسف المحيميد
في فترة سابقة، منذ لحظة تهاوي أسعار البترول عام 2014، عمل أعضاء أوبك على ترك السوق لطبيعته، وبرروا ذلك بأنه قادر على استعادة توازنه تدريجيًّا، لكن ذلك لم يحدث، واستمر تذبذب الأسعار لفترات طويلة؛ وهو ما أوجب أن تتدخل الدول لإعادة استقرار السوق، وحتى لو كان ذلك تتفق عليه غالبية الدول، وتحتاج إليه، إلا أن هذه المبادرة بحاجة إلى قائد، وكانت المملكة في معظم فترات الانخفاض تمارس هذا الدور، وربما كانت تتولى خفض إنتاجها بكميات كبيرة بحثًا عن توازن السوق، إلا أن ذلك كان يواجه أحيانًا بتلبية النقص عبر منتجين آخرين، يقتنصون الفرصة بحثًا عن كسب مؤقت.
إن ما حدث منذ ديسمبر 2016 في اجتماع الجزائر، والشعور بعدم ترك السوق لطبيعته، وربما لعشوائيته، وضرورة التنسيق بين الدول المنتجة، جعل المملكة من دول الأوبك، وروسيا من خارج الأوبك كدول منتجة كبرى، تقود الاتفاق المهم، الذي ضم ما يقارب 24 دولة من داخل أوبك وخارجها، وتحقيق اتفاق تاريخي، يحدث لأول مرة في تاريخ الأوبك، التي ظلت لعقود تحاول أن تقود السوق وحدها.
من هذه الاتفاقية التي عُقدت مرات عدة أثناء اجتماعات الأوبك التي تنعقد مرتَين سنويًّا أوجدت لجنة مراقبة الإنتاج التي ضمت ست دول من داخل أوبك وخارجها، هي (السعودية والكويت والجزائر وفنزويلا)، ومن خارج أوبك (روسيا وسلطنة عمان)، وتترأس المملكة هذه اللجنة التي تقوم بتقييم مدى التزام الدول الموقِّعة على اتفاقية خفض الإنتاج؛ لأنه لا يكفي أن يتم الاتفاق على خفض الإنتاج، وتحديد النسب المقررة على كل دولة، دون مراقبة ذلك وتحليله وتقييمه بشكل مستمر.
وقد اجتمعت هذه اللجنة قبل أمس في اجتماعها الثامن؛ وذلك للاستمرار في مراقبة السوق، وتحقيق أهدافها الإنتاجية، كوضع مجموعة أشمل من أدوات الرصد والاستجابة من الأدوات التحليلية، والتشجيع على الامتثال الصارم من جانب الدول المتأخرة بالالتزام بالنسب المحددة. ولعل الأهم بالنسبة لهذه اللجنة، وللدول المشاركة بالاتفاقية: الإيمان بالحاجة إلى تعاون على المدى الطويل.
هذا التعاون والتناغم بين دول أوبك والدول من خارجها، وإدراك أهمية استمراره على المدى الطويل، لم يكن هدفه البحث عن تعديل الأسعار، أو رفعها، بل لمراقبة السوق، وتحقيق استقراره، وضمان عدم تعرُّضه لهزات مفاجئة، قد تودي بكل الجهود المبذولة في هذه الاجتماعات المهمة.