د.ثريا العريض
قبل أيام حصلت المملكة العربية السعودية على عضوية اللجنة الدائمة لحقوق المرأة في الأمم المتحدة. وجاء ذلك في وقت مناسب جدا بعد أن حققت رؤية وبرامج التحول بقيادة سمو ولي العهد محمد بن سلمان بن عبد العزيز الكثير من التغيرات الإيجابية في وضع المرأة في السعودية. آخرها, ولن يكون القرار الإيجابي الأخير, هو البدء بتطبيق قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة وبرخصة رسمية.
القرارات الرسمية لتمكين المرأة لم تبدأ مع رؤية 2030 بل تعود إلى عهد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود الذي فتح لها باب التعليم, وواصل بعده أبناؤه خطوات تأهيل المرأة بالمزيد من العلم والتدريب, في مواجهة تلكؤ وتخوف وتوجس مفهوم من أغلبية فئات المجتمع خاصة المناطق البعيدة عن حدود التماس مع العالم الخارجي. واستمر الحال, بل وتراجع في مرحلة الأربع عقود الأخيرة, مع تنامي فكر الغلو وتيار التشدد الذي زايد على تغييب المرأة من الحيز العام وأصر على فرض أن تتسربل بالسواد حتى لا يظهر من هيئتها البشرية علامة سوى ما بقي -رغم تغييبها - في خيال الذكور. وظلت المرأة وحقوقها مختزلة في دور المضافة إلى ذكر يقرر لها حركتها وقرارات حياتها كلها.
مع الملك الصالح عبد الله بن عبد العزيز, رحمه الله وطيب ثراه, بدأ تغير الوضع رسمياً وجدياً. «لن نرضى بتهميش المرأة» مقولته التاريخية البليغة بلورت موقفاً قيادياً شاسع الوعي. ومعه صدور القرارين التاريخيين عام 2011 حول عضوية المرأة في مجلس الشورى ومشاركتها في الترشح لانتخابات عضوية المجالس البلدية. بينما ظل المجتمع يتوجس, والمستفيدون يقاومون تنفيذ أي تغيير حقيقي في أوضاع المرأة.
وفي حين سبق أن وقعت المملكة على الاتفاقية الدولية بعدم التمييز ضد المرأة «السيداو», مع التحفظ على ما يتعارض مع تعاليم الشريعة, إلا أن الموقف المتشدد من الفئات المتشددة المستبطنة رغبة الوصول إلى السيطرة التامة على صنع القرار, والموقف المتخاذل من الراغبين في التغيير دون التعرض لردود فعل إن هم أخذوا زمام المبادرة, أبقى أوضاع المرأة في تراجع. وهذا كان يعرض المملكة لتداعيات سلبية خاصة في صورة اتهامات هجومية متصاعدة من مؤسسات حقوق الإنسان خارجياً, ومن الفئات المعارضة داخلياً, المطالبة بتعديل أوضاع المجتمع بقرارات رسمية تصدر من صانع القرار الأعلى وتنفذ بجدية على أرض الواقع.
وكما يقول المثل البليغ «ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت». أخيراً فرجت والحمد لله بقرارات حازمة حاسمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز تفرض تمكين المرأة ضمن إطار رؤية التشحول.
ليس من السهل أن تغير أعرافاً اعتمدها وتقبلها مجتمع ما على مدى عقود إن لم يكن شكله التوازن والاعتدال ما كان ممكناً أن يستمر دون تضرر بالغ داخلياً.
لخص سمو ولي العهد الأمير محمد الوضع في رده عن سؤال بشأنها: «أن المرأة ما زالت لم تنل كل الحقوق التي منحتها الشريعة». وسمعنا في الرد وعداً. والحمد لله أنه رجل يفي بوعوده ويحققها دون انتظار المتلكئين.