محمد سليمان العنقري
تجاوز سعر برميل النفط حاجز السبعين دولاراً حيث وصل إلى 74 دولاراً، مواكباً التوقعات التي أطلقتها العديد من المؤسسات العالمية تبعاً للالتزام الذي أبدته دول أوبك مع المنتجين من خارجها بخفض الإنتاج إضافة إلى تحسن الطلب مع النمو المقبول والمستقر في الاقتصاد العالمي.
فعامل النفط سيبقى رئيساً في تأثيره على معدلات نمو الاقتصاد المحلي في المرحلة الحالية حتى يكتمل إنجاز برامج التحول الوطني التي تهدف إلى تقليل أثر النفط في الناتج الإجمالي ونسبة تمثيله في إيرادات الخزينة العامة، وإضافة لهذا التحسن الكبير في أسعار النفط أعلنت مع بداية العام أكبر ميزانية تقديرية في تاريخ المملكة عند 978 مليار ريال إضافة إلى خطط استثمارية من قبل صناديق الدولة وعلى رأسها الاستثمارات العامة التي تقدر أن تصل إلى أكثر من 100 مليار ريال أي أن الإنفاق الحكومي سيتخطى تريليون ريال وهي إشارات مبكرة وقوية لتوجهات الاقتصاد المحلي نحو بداية دورة نمو جديدة ستمتد لسنوات طويلة وتستهدف توليد فرص عمل ضخمة يمكن أن تستوعب الأعداد الكبيرة التي تدخل سوق العمل سنوياً من شباب الوطن الذين يصل عددهم إلى 300 ألف طالب وطالبة عمل
فأسعار النفط ارتفعت لما يفوق التوقعات التي قدرت بعض المؤسسات المالية بأنها تقارب مستوى 60 دولاراً في المتوسط واعتبروها تقديراً لحجم الموارد المتوقعة من عائدات النفط في الموازنة العامة، فالحكومة لا تعلن عن تقديرات لمتوسط سعر النفط كونها تركز على «توفير التمويل لما يتم اعتماده من مشاريع وبرامج تنموية من مصادر عدة» لكن الأثر المهم لتحسن سعر النفط سيكون في تخفيض العجز المتوقع لهذا العام عند 195 مليار ريال فالإيرادات سترتفع عن المقدر لها عند 783 مليار ريال وتحديداً إيرادات النفط المتوقعة عند 492 مليارا، ففي حال استمر متوسط سعر النفط عند مستويات 70 دولاراً فإن عوائد النفط سترتفع بما لا يقل عن 50 إلى 100 مليار ريال وهو ما يفسر التحسن الكبير في نظرة بيوت التصنيف العالمية للاقتصاد المحلي إلى نظرة مستقرة متفائلة بشكل عام، فخفض العجز مع ضخامة الإنفاق العام سيكون بداية انطلاقة لمرحلة اقتصادية إيجابية جديدة حيث ستنخفض جداً الضغوط على معدلات النمو الاقتصادي لتكون أعلى من مجمل التوقعات وتتخطى 2.5 % بعد أن شهد العام الماضي ركوداً بسبب التحوط لتقلبات سعر النفط وأوضاع الاقتصاد العالمي غير الواضحة في حينها.
ومن بين المؤشرات المبكرة على تحسن نظرة المستثمرين للاقتصاد المحلي هو ارتفاع سوق الأسهم وتجاوزه حاجز 8000 نقطة الذي لم يصله منذ قرابة ثلاثة أعوام، فكل الخطط التي تنفذها الدولة لرفع نسب نمو الاقتصاد تعد هي الخطوة الأولى لاستعادة الثقة بقطاع الأعمال وعودة ضخ الاستثمارات من قبل القطاع الخاص والأفراد كما أن إجراءات معالجة أي آثار لارتفاع تكاليف المعيشة التي رصد لها عشرات المليارات لهذا العام ستدعم إنفاق الفرد القوي بالاقتصاد الذي يمثل رافداً مهماً لنمو قطاعات حيوية عديدة.
معدلات نمو الاقتصاد المحلي لهذا العام تبدو إيجابية من الشهور الأولى لهذه السنة والظروف الاقتصادية المحلية والعالمية أغلبيتها تصب في صالح تحقيق نسب نمو كبيرة وتدعم استمرار تحقيق معدلات نمو متصاعدة في الأعوام المقبلة مما قد يصل بحجم الناتج المحلي إلى ما يقارب 3 تريليونات ريال في أقل من 5 سنوات حيث يبلغ حالياً قرابة 2.6 تريليون ريال مع بارتفاع دور قطاعات كالسياحة والترفيه إضافة للخدمات اللوجستية وكذلك التعدين مما يعني ارتفاع معدلات التوظيف وتوليد فرص العمل وهو من أهم المؤشرات لقياس نجاح الخطط الاقتصادية عموماً، أما المخاطر والتحديات فتتركز في احتمال انخفاض مفاجئ لأسعار النفط أو تراجع نمو الاقتصاد العالمي ولا بد من التحوط لها لتحقيق النمو المستهدف.