مها محمد الشريف
تأطير الفكر وتقنينه مسألة متعذرة، ومتعة الفكر ورسالته الطبيعية تمنحه مساحة تتجاوز مساحة الكوكب البشري، ثم إن الفن بكل صوره وألوانه محركات للفن ووسائل لتجسيده..
وعلاقة الإنسان بالسينما في كل العالم علاقة فن وثقافة وإبداع، هذا عدا دورها نحو الدول المنتجة للمحتوى السينمائي فهي من هنا تنضوي في سياقات سياسية واقتصادية وفكرية، أي أن السينما وسيلة ناعمة وراقية للوصول للآخر والتعريف بالذات والتاريخ للدول والمجتمعات، ودور العرض السينمائي ليست جديدة على المجتمع السعودي فهي إلى عهد قريب متوافرة ولا تزال في ذاكرة الناس.
وفي ذلك الحين خلال فترة نهاية الستينيات وبداية السبعينيات الميلادية، لم تكن السينما من الممنوعات؛ ولم تكن خارجة عن المعقول أو نقيضاً يرفضه المجتمع، وإنما الرفض جاء بعد ولادة الخطابة المشحونة بالتحريم وتشويه هذا المصطلح الثقافي العالمي في فترة كانت السينما تجتاح العالم وتسهم في إعادة صياغة الثقافة العالمية ليكون التوقف في حينها بمثابة ترك هذه المنطقة شاغرة ومتاحة للاستثمار فانتشرت من حولنا دور للسينما واكتظت قاعاتها بشبابنا وعشاق هذا الفن في مجتمعنا.
وبقينا نحن ندون آراء الرفض ونتنازعها حتى فرقت بين طرق الأفكار وساد التشكيك في كل الاستعمالات نتيجة قوة التأثير، وكان الحديث حول أي من هذه الأمور محرماً باستثناء السائد منها والأخذ بالتوجيهات المفصلة والاقتناع بالكلمات التي تحوي الرفض التام دون البحث عن تفسير لها أو التعليق عليها.
لم تكن لدينا أدنى فكرة عما يعنية التحول من صحوة مريرة إلى فترة زمنية ستأتي جديدة ومفاجئة عازمة على فعل شيء له غايته وأهدافه، إلا بعد نتيجة تبصر برؤية 2030 المبهرة التي أظهرت حقيقة روح التيارات وسطوتها على المجتمع وأسست فكرة الانتقام على كل العوامل التي أضعفت القدرة على العقلانية.
ومن هنا يتبين أن جميع القوانين لا تمنع أو ترغم الناس على كيفية يعيشونها في حياتهم أو تقصي آمالهم لمجرد خيارات ترفيهية، وقد اختصر القرار الذي أحرج المواقف وأشدها ضيقاً، في يوم 18 إبريل 2018 في حدث تاريخي انطلقت فيه السينما من جديد في السعودية بالرياض، ومنح أول رخصة لتشغيل دار عرض سينمائي، إلى شركة «إيه إم سي» للترفيه.
وفتحت هذه الدور أبوابها ودلف الناس إليها وخرجوا منها أكثر وعياً وانتماءً واستشرافاً..