م. خالد إبراهيم الحجي
إن مجالات التكنولوجيا الحديثة تعتمد على استراتجيات التوقع والاستباق، وتزداد كل يوم تنافسية وعولمة أكثر فأكثر. وقد أدى ذلك إلى سباق شديد بين أصحاب المصالح الرئيسية التي تشمل الجامعات، ومراكز البحوث العلمية، والمعامل والمختبرات، والمؤسسات والشركات في القطاعَين الخاص والعام في الدول المتطورة.. والتنافس في رفع معايير الجودة النوعية للتكنولوجيا الحديثة، والتطوير لزيادة قدراتها وجودة خدماتها، وترقية إمكانياتها؛ فحققت الحلول العملية المبتكرة؛ لتتكيف وتتأقلم وتلائم أنماط التشغيل في موديلات التكنولوجيا السابقة، دون الاستغناء عنها مرة واحدة، والاتجاه إلى توظيف التكنولوجيا الأحدث؛ ليتمكن مشغلو شبكات الاتصالات، ومنتجو الطاقة، والقادة العسكريون، ومشغلو البنى التحتية والمرافق العامة.. من مواصلة تقديم الخدمات الحيوية المطلوبة دون تعثر، والتعامل مع الحالات الجديدة المختلفة دون تأخير، وتحقيق الاختيارات السليمة والقرارات الصحيحة بالسرعة المناسبة. ونماذج تطوير التكنولوجيا بالتكنولوجيا الأحدث كثيرة جدًّا، أختار منها الأمثلة الآتية:
(1): الحواسيب أساس التكنولوجيا، والقلب النابض لها، كانت تحتل مساحة غرفة كاملة، ثم أصبحت بحجم الثلاجة، ثم على سطح المكتب، ثم تطورت إلى الحواسيب المحمولة والملبوسة كالساعة في اليد.
(2): ألعاب الأطفال: البلاي ستيشن التي تطورت من ممارسة الألعاب الإلكترونية على الحواسيب والشاشات إلى حد الألعاب التفاعلية المتصلة بالإنترنت التي تسمح بالتخاطب، والتواصل والتفاعل، وإعطاء الأوامر والتعليمات، والاستجابة بينها وبين الأطفال الذين يمارسونها، وإمكانية تتبُّع الوالدين أماكن وجود أبنائهم، مثل: لعبة الحوت الأزرق الانتحارية التي يعتقد أنها لعبة تواصل اجتماعي تفاعلية عن طريق إنشاء المجموعات «الجروبات»، يتم فيها تكليف أعضاء المجموعة الواحدة بمهام يومية مرعبة، يجب أن ينجزوها خلال (50) يومًا. وقد تسببت في حوادث انتحار لبعض صغار السن.
(3): تطبيق الميكنة: ويقصد بها التطور من الاعتماد على الآلات التي تديرها الأيدي العاملة في تنفيذ الأعمال المتكررة في عمليات التصنيع المختلفة إلى الآلات ذاتية الحركة (الأوتوماتيكية)، كما في تعبئة المرطبات، وتعليب الأغذية، وحلب الأبقار، وتصنيع السيارات بالآلات الحديثة التي تبرمَج حاسوبيًّا، وتستبدل القوة الجسدية والعضلية التقليدية بالقوة الميكانيكية التي تفيدنا في توفير الوقت والمال والجهد.
(4): استخدام الذكاء الاصطناعي: مثل تطور الجوالات من الجيل الأول وصولاً إلى الجيل الرابع خلال (15) سنة؛ فأصبحت اليوم ذكية، تُستخدم في إطفاء الأنوار والمكيفات، والتواصل والتفاعل مع الأجهزة الذكية الأخرى. ومثل السيارات التي تحولت من سيارات عادية يقودها سائق، وتطورت إلى سيارات ذاتية القيادة. والطائرات العادية التي يقودها طيار، ثم تطورت إلى طائرات بدون طيار. والرجل الآلي (الروبوت) الذي يستفاد منه في مجالات البحث والإنقاذ، والهبوط على بعض الكواكب، والغوص في أعماق البحار والمحيطات.
والتطور التكنولوجي المحقق على مدى الـ(20) سنة الماضية فتح الباب على مصراعيه لأصحاب التوقعات المستقبلية في جميع المجالات. وقد توقعت مجلة «بزنس إنسايدر» الإلكترونية الأمريكية أن السياحة الفضائية ستتحقق بحلول عام 2020م. ويؤكد هذه التوقعات السباق الجاري على تجارب مركبات السياحة الفضائية بين شركات فضائية عدة من جهة: التجارب التي تجريها كل من شركة «فيرجين جالاكتيكا» الفضائية البريطانية وشركة «بلو أوريجن» الفضائية الأمريكية، وتهدف إلى تنظيم رحلات سياحية مدارية حول الأرض. ومن جهة أخرى: التجارب التي تجريها شركة «سبيس إكس» الفضائية الأمريكية على صاروخ «فالكون» الضخم لحمل مركبات متعددة الأغراض للوصول إلى كوكب المريخ لبناء مستعمرات سكنية هناك، ومن ثم تنظيم رحلات سفر بلا عودة للإقامة الدائمة في المريخ بحلول عام 2030م. فتخيل معي لو استمر التطور التكنولوجي بهذه السرعة الفائقة كيف سيصبح العالم بحلول عام 2050م؟
الخلاصة:
إنَّ الوقت الحاضر أكثر أهمية من أي وقت مضى للاستثمار في تكنولوجيا المستقبل.