«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
شاهدت حلقة من برنامج «ما لم تر» وكانت عن العقوق، وضمن الحوارات التي جرت مع الأبناء الذين دفعوا جزاء ما اقترفوه تجاه آبائهم فحكم عليهم بالسجن حسب ما قرّرته المحكمة وكانت بعض الإجابات تشير إلى تأثرهم برفقاء السوء وتعاطي الممنوعات والمخدرات وحتى الخروج من المنزل لفترات طويلة، وإطلالتنا لهذا اليوم تحاول أن تضع النقاط على الحروف لنعرف ما هي الأسباب والدوافع لظاهرة عقوق الوالدين، وتعنيفهم لفظياً، بل وحتى جسدياً كما صوره البرنامج في مشاهد تمثيلية درامية جسدت هذه الظاهرة بصورة واضحة ومؤسفة أيضاً أنها باتت موجودة في مختلف مناطقنا ومحافظاتنا ولو أنها ولله الحمد بشكل محدود جداً. لكنها وبكل أسف موجودة. والأبناء على اختلاف مراحل دراستهم وأعمارهم بدءاً من مرحلة الطفولة قد يتعرض في المنزل إلى أكثر من مشكلة ففي العديد من الأسر ومع خروج المرأة للعمل أو لظروف صحية نجد قيام المربيات بمهمة تربية الطفل منذ نعومة أظفاره وبذلك فالطفل يتشرّب أفكاراً ولغةً ومبادئ تعود إلى ثقافة «المربية» أو العاملة، ومع مرور الأيام يكبر هذا الطفل كما يقول علماء التربية والسلوك ليتقبل مبادئ وقيماً أخرى غير القيم والمبادئ السائدة في المجتمع. ومع نموه تبدأ والدته في تولي تربيته لتغرس فيه الأفكار والقيم المتعارف عليها في المجتمع والتي تعلمها الجميع في المرحلة الدراسية الأولى. قيم ومبادئ وأفكار تعتمد على العقيدة الإسلامية ومن قيم الوطن وحتى الأمتين العربية والإسلامية اعتماداً على ديننا الحنيف. مع هذا ورغم هذا نجد أن البعض من الأطفال وحتى الفتية يجد نفسه في حيرة مقلقة فهو قد تشرّب منذ طفولته ما تم زرعه في ذاته وما بدأ تعلمه مجدداً من خلال والدته ومدرسته وكتبه. وحتى ما يشاهده من خلال تعامله مع زملاء الدراسة أو حتى في المجتمع فتحدث له هزة وحيرة قد تدفعه إلى البحث عن ما يجعله أكثر استقراراً. ولا يمكن نسيان أن وراء ذلك انشغال بعض الآباء والأمهات في أعمالهم أو اهتماماتهم الحياتية التي تجعلهم يقضون جل وقتهم بعيداً عن بيوتهم وبالتالي تمتد مسافة بعيدة بينهم وبين الأبناء سواء أكانوا صغاراً أم كباراً. وبالتالي تحدث داخل البيت وبين أفراد الأسرة نوعاً من الخلل في العلاقات وهذا يدفع ببعض الأبناء إلى عدم الاهتمام ببيوتهم وأسرهم وبمن يوجد فيهم . ويدخل كما يُقال على الخط بعض الزملاء والأصدقاء الذين يشجعون هؤلاء إلى الاستمار في الابتعاد عن بيوتهم وأسرهم والإقامة طول الوقت بينهم ليتعودوا على سلوكيات فاسدة وتصرفات بعيدة عن القيم والأخلاق ولتنمو داخل نفوسهم التي انحرفت بتأثير أصدقاء وشلل الفساد والسوء وحتى الانحراف. وعندما يتمادى بعضهم في تعاطي المسكرات والمخدرات. ويبتعدون عن دراستهم وأعمالهم إذا كانوا على رأس العمل النتيجة بعد ذلك السهر والتغيب عن العمل. والحاجة الدائمة إلى المال فلا يترددون أن يطلبوا من أولياء أمورهم المال وفي حال عدم حصولهم عليه يلجأون إلى السرقة من داخل البيت أو حتى من خارجه. حتى يؤمّنون المال للحصول على المخدرات والممنوعات والنهاية المعروفة الانحراف والعقوق وحتى ارتكاب الجرائم. كل هذا وذاك نتيجة عدم الاهتمام بتربية الأبناء ومنحهم المزيد من الوقت وكذلك عدم استماع الأبناء لأولياء أمورهم ومصارحتهم بمشاكلهم وما قد يتعرّضون إليه ومنذ البداية . فالاعتراف بالأخطاء في بدايتها أسهل للمعالجة من تضخمها أو تناميها وتعدد سلبياتها التي قد توصل بعضهم لاستعمال العنف مع الآباء والأمهات. كما جاء في النماذج المؤسف التي عرضها برنامح «ما لم تر» والذي أشار بوضح لظاهرة بدأت تتفشى ولو بحجم محدود في مجتمعنا وحتى مجتمعات العالم..