عبد العزيز الصقعبي
منذ أيام ومواكباً لمهرجان الأحساء للأفلام الاجتماعية القصيرة في دورتها الأولى، تم افتتاح المقر الجديد لجمعية الثقافة والفنون في الأحساء، في مقر المكتبة العامة، ليكون أول مقر حكومي للجمعية بعد سنوات طويلة من التنقل بين مبان مستأجرة.
بالطبع من حق جمعية الثقافة والفنون في الأحساء أن يكون لها مقرها الخاص الذي يساعد على قيامها بما هو مطلوب منها في مجال الثقافة والفن، ولكن كان حدث الانتقال هذا يعطي رسالة خاصة للقائمين على قطاع المكتبات بأن كثيرا من المكتبات العامة بالإمكان بث روح جديدة داخلها، فالنشاط الثقافي والفني وتحديداً في المسرح والسينما جعل الناس يرتادون مبنى المكتبة.
مهرجان الأحساء للأفلام الاجتماعية القصيرة في دورتها الأولى يستحق الوقوف عنده لما حققه من نجاح تمثل في تقديم عدد من المبدعين السعوديين في مجال صناعة الأفلام, وتلك المشاركات التي تجاوز عددها المئة سيناريو التي تقدمت لمسابقة كتابة السيناريو، والتي تعطي اشارة أنه لا يوجد أزمة نص في كتابة العمل السينمائي أو الدرامي، ومن جانب آخر ذلك الحضور الملفت والمتميز لجمعية الثقافة والفنون في الأحساء في المسرح والموسيقى والفنون التشكيلية والتصوير الضوئي، والأمر الأهم ذلك الترابط الجميل بين كل من ينتمي للفن والثقافة في الجمعية، وبالطبع لا ننسى طيبة وحسن ضيافة أهل الأحساء.
أعود للمكتبات العامة والرسالة التي استشففتها من وجود جمعية الثقافة والفنون في مبنى المكتبة العامة في الأحساء، في البدء يجب أن تتغير رؤية الجميع عن المكتبات العامة بأنها فقط أماكن لحفظ الكتب وقراءتها، يجب أن يكون للمكتبات العامة حضور في الجانب الثقافي، ربما مكتبة الملك عبد العزيز لها هذا الحضور، وهناك محاولات من بعض المكتبات العامة في المملكة والتي يحدد فعلها الثقافي المشرف عليها، حيث يرى بعض المشرفين أن مهام المكتبة تنظيم الكتب وبقية أوعية المكتبات لتكون متاحة للباحثين والقراء، ولا يعنيهم أي فعل ثقافي، وهناك من يحرص أن يكون للمكتبة رسالة في تنمية ثقافة المجتمع والرقي بذائقتهم، من خلال ما يعقد من فعاليات ثقافية وما يعرض من إبداعات الفنانين التشكيليين والفوتوغرافيين.
أتمنى أن يكون هنالك دعم للمكتبات العامة في المملكة لتكون جاذبة للناس بفعالياتها وأنشطتها المختلفة، وحين تقوم بذلك تكون منبراً ثقافياً مهماً، وبوقفة قصيرة نجد أن هنالك أنشطة بإمكان المكتبات أن تقوم بها مرتبطة بمهمتها الرئيسة، مثل تكوين مجموعات للقراءة، وتدشين الإصدارات الجديدة، وعقد لقاء مع الكتاب والمؤلفين ليتحدثوا عن تجاربهم، إضافة إلى عروض أفلام مأخوذة من الإبداع العالمي. لا زلت أكرر وأقول وجود فروع للمكتبات العامة في المدن الصغيرة قبل الكبيرة مهم لنشر الثقافة والمعرفة ولكي تكون مراكز ثقافية، ليكون مستقبلا لها نتاجها الذي سيساعد على تنمية الوطن من كتاب مبدعين وفنانين في الرسم والتصوير والسينما والمسرح، الإبداع ليس حكراً على المدن الكبيرة، لذا فالمكتبات العامة في الأرياف والمدن الصغيرة ستكون أهم حاضن لذلك الإبداع.