الثقافية - محمد المرزوقي:
مثقفات مبدعات، وصفن بروز إحدى ظواهر العمل المؤسسي الأدبي والثقافي، التي تعد أحدى ظواهر «الشللية» بشكل مغاير، بأنها تتمثل في (نكهة) مجلس النادي، أو (ذائقة) رئيس المجلس، تبعاً لاختصاص والميول والانطباعات الشخصية الثقافية، التي تدني جنساً أدبياً، أو فناً ثقافياً، وتهمش آخر، ما يعني «استدعاء» أرباب الميول إلى المشاركة، والحضور الذي تحتفظ به ذائقة مجلس حتى موعد ذائقة «متجددة»، وما بين ذائقة وأخرى تظل مؤشرات انعكاساتها، مرآة يعكسها النشاط المنبري، ودعوات حضور المناسبات الثقافية، وصولاً إلى ما تفرزه (الدوريات) من جانب، و(الإصدارات) من جانب آخر على، منتجات ثقافية بنكهة خاصة، وذائقة متفرعة داخل العديد من مجالس الأندية الأدبية، دون أن تمتد فروعها إلى جنبات المشهد الثقافي بمختلف أطيافه الثقافية، وفنونه الإبداعية، ومساراته الأدبية، واتجاهاته النقدية!.
نورة: ذائقة عمياء
تقول الكاتبة والقاصة التشكيلية نورة بنت سعد الأحمري: مما لا شك فيه أن الأندية الأدبية لها دور في رواج الثقافة بين فئات المجتمع، وقد برزت في المجتمع الثقافي توجهات معينه أو أن صح التعبير، فرضت ذائقة معينة، لنجد أن الاختلاف بات واضحاً في طريقة عرض الناتج الأدبي، أو حتى تواجد أسماء دون غيرها على خارطة المشهد الثقافي الذي بالمفترض أن يمثل كل شرائح المجتمع! وهذا يوصلنا إلى خلاصة محددة وهي فرض توجهات رئيس النادي على القرار الأدبي، قراراته أو ميوله تجاه اسم أو منتج ما، بمعنى أوضح: أنت صديقي إذن تعال اطبع وشارك في المنابر والمحافل، ما ولد لدينا دعوات بأسماء باتت معروفة لدى حتى القارئ العادي، الذي أصبح يستغرب تكرار هذه الأسماء في عامة المناشط الأدبية، وكأن خريطة المثقفين تقتصر على هؤلاء! مختتمة الأحمري حديثها قائلة: العديد من الأندية الأدبية على خارطة المشهد الثقافي السعودي مثل الأعمى الذي قيل له قد طائرة.
تركية: جندر التخصص
من جانب آخر وصفت القاصة والمترجمة تركية العمري، مشاهد ذائقة رئيس مجلس الإدارة الأبية، وحضور نكهة تعاضد آراء ميول المجلس التي تظهر كمؤشرات وشواهد على ذلك الميول قائلة: للأسف إن ذلك يحدث، فتخصصة يفرضه على أعضاء وأنشطة النادي، ليس تخصصه فحسب، بل توجهه الفكري والثقافي، فمن يحب القصيدة الكلاسيكية يفرضها على مناشط النادي، والكارثة عندما يأتي بمن ينتمون إلى تخصصه أو ذائقته من الأكاديميين المنظرين الذين ينظرون طوال الوقت لأوراقهم! أو من يكتبون كلمات مدرسية بسيطة، ويرفض كل الأجناس الأدبية الأخرى، وهذا يحدث مع رئيس النادي الذي يتمتع بمحدودية التفكير والوعي، ويتسم بضيق مساحات الاطلاع، والذي ليس لديه رؤية، لذلك نرى ما هي عليه الأندية الأدبية من حال فأنشطتها البسيطة لم يعد يحضرها أحد إلا منسوبو النادي والعاملون فيها، فيما ابتعد عنه الأدباء الذين يكتبون أدباً عظيماً.
حسنة: لوائح مغيّبة
أما الروائية والإعلامية حسنة القرني، فاستهلت حديثها قائلة: لا زلت أتساءل ماذا لو يكون رئيس النادي مترجماً، ولو رئيس نادي واحد (لأن الأديب المترجم نادر لدينا)، هنا سأسعد أن يفرض تخصصه، وذائقته لأنها ستكون بلا شك ذائقة عالية وشاسعة، لأن من يرى العالم سوف يقدم فعاليات نرى من خلالها العالم، وسوف ينعكس ذلك على أصدارات النادي حيث سينتشلها مما نراه اليوم، فمعظم إصدارات الأندية بسيطة، وبعيدة عن المشهد الثقافي وثقافة العصر الرقمي والمشهد الثقافي العالمي، إذ إن لائحة الأندية الأدبية تنص على خلق بيئة تفاعلية منتجة، ومع ذلك لا ترى إلا الأنشطة المنبرية التقليدية، التي لم تعد تغر الجمهور المثقف، ويأتي ذلك بسبب الذهنية الأكاديمية التي يتبناها عادة رئيس النادي الأدبي مع أغلب أعضاء المجلس لأنهم أبناء لتلك البيئة! ما يؤدي إلى فرضها بوعي أو بدون وعي منهم على توجه مجمل الفعاليات والأنشطة في النادي، ليمتد ذلك إلى اختيار الضيوف والمشاركين الذين يأتي اختيارهم بناء على حدود المعرفة والشائع لذا تقع الأندية في فخ تكرار أسماء هؤلاء!.. ولا أعرف نادياً أدبياً أسند على سبيل المثال ندوة فكرية أو نقدية للشباب من الجنسين، ولا أبالغ إذا قلت أن الأكاديميين هم ضيوف المنبر الأدبي، الذي ما يزال فقير الجماهيرية والتفاعل الذي يواكب رؤية السعودية 2030، التي تركز على تحويل الثقافة إلى عنصر رئيسي للتواصل بين الناس، وأحد روافد الاقتصاد.