ياسر صالح البهيجان
مستوى الأداء والإنتاجيّة هي ثقافة قبل أي شيء آخر، كما أنها ليست ثقافة فرديّة وإنما ثقافة مرتبطة ببيئة العمل ذاتها، لذا قد نجد منشأتين متجاورتين في نفس المنطقة إحداهما منتجة وفاعلة والأخرى خاملة راكدة.
في رؤية المملكة الطموحة نجد أن الاهتمام بأداء الموظفين يأتي ضمن الأولويّات لتحسين جودة الإنجاز في المنشآت الحكومية والأهلية بما يعود بالنفع على الوطن والمواطن والمقيم، ولا شك بأن التحوّل نحو ثقافة أداء فاعلة تتطلب معايير جديدة تختلف كليًا عن معظم ما هو معمول به حاليًا في الجهات القائمة.
ولعلنا في هذه المقالة نوجز عددًا من العوامل الرئيسة والضرورية لبناء ثقافة الأداء في المنظمات الحكومية والأهلية:
- الانطلاق من تعزيز الثقة بين الموظفين وصنّاع القرار داخل المنشأة، وردم الهوّة بينهما، عبر عقد اجتماعات دوريّة بين من هم في أعلى الهرم ومن دونهم ليستشعر الموظف أهميته في بيئة العمل ويدرك بأنه فرد مسؤول ويقع على عاتقه مهمة الإنجاز تمامًا مثل رئيسه.
- بناء بيئة عمل قائمة على الوديّة والمرونة والمساءلة الراقية، مع تعزيز ذلك الاتجاه بتنسيق لقاءات أخويّة خارج مقر العمل لتوطيد العلاقات الإنسانية بين الموظفين وجعلهم أشبه بالأسرة الواحدة.
- تفعيل دور الحوار والاستشارة الجماعيّة قبل اتخاذ القرارات المؤثّرة في المنشأة، حتى وإن كانت نتائج تلك الاستفتاءات ذات تأثير محدود، لكنها تحمل أثرًا إيجابيًا وقيمة معنوية كبيرة لدى الموظفين.
- توفير مرونة في أوقات العمل بما لا يخل بمستوى الإنتاجيّة، كأن يُطلب من الموظف الحضور 8 ساعات يوميًا خلال 12 ساعة تبدأ من السادسة صباحًا وحتى السادسة مساءً، يختار ما يناسبه من الأوقات دون أن تقل عن الساعات المحددة.
- الاستماع الفعلي لما يؤرّق الموظفين من مشكلات سواء داخل بيئة العمل أو الأزمات الشخصية، ومساعدتهم على حلها ليشعروا بالامتنان وعمق العلاقة التي تربطهم بزملائهم.
- الوضوح والدقّة في مهام كل موظّف وما يُطلب منه إنجازه، ليسير وفق رؤية محددة ويدرك ما يجب عليه فعله دون ازدواجية في التكاليف أو تواكل فيما بين الموظفين.
- تحديد إمكانات وقدرات الموظفين، وتوظيف نقاط قوّة كل فرد في المكان المناسب ليتمكن من التواؤم مع طبيعة عمله وإنجاز المهام برغبة وشغف.
- تنمية مهارات العاملين باستمرار بواسطة الدورات التدريبية والابتعاث الداخلي والخارجي، لتتطّور إمكاناتهم وتزداد ثقتهم بأنفسهم.
- تخليص الموظفين من الأعباء الثانويّة داخل بيئة العمل والتي تستنزف طاقاتهم دون مردود فاعل على مستوى الإنجاز النهائي.
- دعم الابتكار والتجديد في العمل، وتحفيز الموظفين على إنجاز مهامهم بطرق غير تقليدية ومكافأتهم عند نجاحهم في ذلك.
هذه خطوات عمليّة أثبتت كفاءتها في ميادين العمل لدى كبرى المنظمات الحكومية والأهلية على مستوى العالم، وأسهمت في بناء ثقافة الأداء لدى الموظفين وانعكست إيجابًا على معدلات الإنتاجية، وحريّ بالقيادات الوطنيّة تنفيذها إن أردنا تطوير الوضع الراهن والتأسيس لثقافة عمل إبداعية وفاعلة وذات أثر ملموس.