سمر المقرن
أحببت جداً، مبادرة المرشدات الكشفيات التي أطلقها تعليم عسير على مستوى مدارس المملكة، وأعجبت بالفكرة التي تهدف إلى تمكين المرأة في تنمية المجتمع ودعم مواهبها واستثمار طاقاتها. لأن مفهوم تمكين المرأة هو أساس التنشئة التي من المهم أن تبدأ بها جذور التربية للجنسين، وهذا بلا شك يمنح الفتاة السعودية الثقة والاعتداد بالنفس منذ وقت مبكر، وعدم الشعور بالتقليل لأنها أنثى. في الحقيقة أنا فرحة جداً لهذا الجيل، الذي أتته حقوقه على طبق من ذهب بعد أن سخر الله -عز وجل- لهذا الوطن قائد شاب يعي جيداً احتياجات الجيل الجديد وتطلعاته. لن أقول كما يقول غيري (أحسد هذا الجيل) فأنا بطبعي لا أحب مصطلح الحسد، وإن أتى بمعاني جميلة كالمدح والثناء أو التقدير والإعجاب، فهذا الجيل يجني اليوم ثمار زرع أجيال قبله، كانت تحلم وتطمح بمثل هذا اليوم، الذي نرى فيه أبناءنا في المدارس يتعلمون مناهج تليق بهم، وتليق بالمرحلة الجديدة التي يعيشها الوطن، وأنشطة تربوية بعيدة عن التطرف والتخويف. ما زلت كلّما قرأت وتابعت وشاهدت وعايشت هذه الإصلاحات والتغييرات الجميلة أتذكر ما مررت فيه من أوضاع صعبة داخل المدرسة، لن أخفيكم فأثناء قراءتي لخبر مبادرة المرشدات الكشفيات في المدارس عادت ذاكرتي إلى أيام المدرسة وجماعة المسجد وما كانت تمارسه ضد أي طالبة لا ترتدي جوارب سوداء في الأقدام وقفازين أسودين في يديها...! لكنني ولله الحمد أشعر بالإنجاز والتفوق وأنا أرى بنات هذا الجيل يعيشن ما لم نعشه، ويحصلن على أبسط حقوقهن كنظام وقانون يدعم ويشجع بل ويبني هذا الشيء بداخلهن.
صور كثيرة تدور في ذهني وأنا أرى نساء قياديات في وزارة التعليم، وها هي الدكتورة هيا العواد تخرج للعالم بلا غطاء للوجه، فهل ستفعل ما لم تتمكن من فعله من سبقنها بأن تنهي مآسي البنات الأطفال مع إجبارهنّ على تغطية الوجه ولبس العباءة التي تجرح طفولتهنّ؟! هذا التغيير هو أمر حتمي لحياة جديدة يعيشها المجتمع السعودي اليوم وهو ينفض تراب وأغبرة ماضي وترسبات الأفكار الإخوانية الشيطانية والتطرف الذي أنهك هذا المجتمع العاشق للحياة والجمال والحب والسعادة.
هل ستنتهي بهذه الأنشطة الجديدة تلك الدروس والمحاضرات المرعبة وتلك الصور والمجسمات التي ترتدي الكفن وتنظر إلى الحياة من زاوية الموت؟ هل وهل..؟ أسئلة كثيرة تظل أجوبتها جزءا من الماضي في حاضر لن يكون مقبولاً فيها إلا الحياة، والحياة فقط!