قال تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ}.
في فجر يوم الاثنين الموافق 24-6-1439هـ انتقل إلى جوار ربه معالي شيخنا الشيخ/ منصور بن حمد المالك بعد عمر مديد حافل بالذكر الحسن وطيب المعشر وبالكفاح والاغتراب في هذا الوطن لطلب العيش، ولقد خيم الحزن على أجواء محافظة الرس لما له من محبة ومكانة عالية في قلوب محبيه، وعارفيه إذ كان رجلاً مبتسم المحيا، سمح التعامل، لين الجانب، عفيف اللسان، كانت ولادة الشيخ منصور بن حمد المالك عام 1350هـ في محافظة الرس ودرس في المدرسة الابتدائية التي افتتحت عام 1363هـ وكان من الدفعة الأولى التي تخرج منها عام 1368هـ.
وكان رحمه الله من المتفوقين، ثم انتقل إلى الرياض وعمل مدرساً في المدرسة الأهلية ثم المدرسة الفيصلية في الرياض ثم ترك التدريس والتحق في المعهد العلمي في الرياض، ثم التحق في كلية الشريعة وتخرج منها، ثم عين مدرساً في المعاهد والكليات، ثم بعد سنتين التحق في ديوان المظالم، وقد أمضى فيه نحو أربعين عاماً رحمه الله.
لقد تشرفت بمعرفة الشيخ منصور بن حمد المالك من بين كوكبة من الرموز الدينية والفكرية في تلك الأجواء الحميمية.
ويعد معالي الشيخ من بين الرموز التي كان لها تأثير في حياته، حيث قربني إليه وقد رأيت فيه الحكمة والإناءة والثقافة الإسلامية وقد اجتمعنا به في مجالس كثيرة ومودة لا تنقطع ومن ثم أصبحت أحضر درس يوم الجمعة بعد صلاة المغرب في كتاب زاد المعاد في هدى خير العباد في منزله في حي الملز ومجلسه العامر بطلبة العلم وأصحاب الحاجات.
وحيث أنه سبقنا إلى الدار الآخرة ووجب ذكر محاسنه فقد كان يسلمني مبلغاً سنوياً دعماً منه رحمه الله لجمعية تحفيظ القرآن الكريم، وكان رحمه الله يقضي حاجات المحتاجين ويفرح كرب المكروبين وخلال علاقتي به وجدته كثير الإحسان حتى إلى الغرباء.
وقد عرف الشيخ منصور بن حمد المالك بالزهد والورع في هذه الحياة ولم يكن يسمح في مجلسه العامر لأحد في تناول الناس أو الحديث عنهم بسوء، ومن أجمل اللحظات التي قضيتها مع شيخنا في رمضان حيث كنا نجتمع مع الشيخ معظم الليالي بعد صلاة التراويح في سكنه قرب الحرم.
وقد شرفنا الشيخ في مدينة المذنب وقد دعوته هو واخوته وقبل تواضعاً منه وكرماً وكانت تلك الزيارة لا تنسى حيث شرفنا في تلك اللحظة الشيخ والمربي الفاضل عثمان بن ناصر الصالح رحمه الله.
وقد تخلل تلك الزيارة زيارة المشايخ وأعيان مدينة المذنب، تغمد الله الشيخ منصور بن حمد المالك برحمته وأسبغ على قبره شآبيب الرحمة والمغفرة والرضوان وألهم ذويه الصبر والسلوان..
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- سليمان بن محمد الرشيد