د. فهد صالح عبدالله السلطان
لاشك أن ما يجري من تحول اقتصادي في المملكة أمر مثير للإعجاب. ومشروع يفوق الاستراتيجيات التقليدية. ولعل أجمل ما فيه هو ربط النظرية بالتطبيق وتجسير التخطيط والتنفيذ (bridging the gap between thought and action ).
ويبقى السؤال: هل تساعد الماكينة البيروقراطية الحالية على تحقيق الطموحات؟ أعتقد أن الجواب يكمن في نعم أو لا! نعم اذا تمكنا من تحويل البيروقراطية العامة من التركيز على الأنشطة وتطبيق الأنظمة الى التركيز على تحقيق الأهداف. وبشكل أدق تحويل الجهاز الحكومي من العمل على الأساس الوظيفي الى العمل على أساس المشاريع (Transforming functional organization to projectized structure ). معظم معوقات التنمية التي حدت من تحقيق اهداف القادة في الدول النامية والمتقدمة كانت وما تزال ناتجة عن تركيز الآلية الحكومية على تطبيق الأنظمة أكثر من اهتمامها بتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها في الأصل! إذا ما هو المطلوب وما لذي يجب علينا فعله؟
من المتفق عليه ان الإنجاز وتحقيق النتائج يقوم على بعدين: الآلية الإدارية والإنسان العامل.
ولذا فإننا اذا أردنا تحقيق الطموحات وتحويل العمل الى نتائج ملموسة على ارض الواقع فإن علينا العمل بشكل مهني على هذين البعدين. وربما يمثل البعد البشري أو القوى العاملة المحور الأساس لتفعيل الماكينة البيروقراطية وتسريع أدائها. ولعل أهم عامل في هذا الموضوع هو تأصيل ثقافة العمل الحديث لدى العاملين في قطاع الحكومة. أي أن يتم تغيير مفهوم العمل لدى العاملين من ثقافة التركيز على تطبيق نصوص النظام الى ثقافة التركيز على تحقيق النتائج. وبمعنى آخر تأصيل ثقافة الخدمة والتمكين ومساعدة المستثمرين على حساب ثقافة البحث عن الأخطاء. لأن كثيرا من التقليديين في أجهزة القطاع العام حاليا ينظر الى أن مسؤوليته تكمن في التأكد من تطبيق نصوص النظام لا روح النظام وينطلق في عمله من منطلق أن المستثمر أو طالب الخدمة من (المراجعين) لديه تجاوزات ما لم تثبت براءته. ومن ثم يرى ان تقييم أدائه ونجاحه في وظيفته سيتم وفقا لما يكتشفه من أخطاء لا لعدد العملاء الذين تمكن من مساعدتهم وتمكينهم.
تغيير ثقافة العمل – في نظري – شرط أساس لقدرة الجهاز الحكومي على تحقيق التحول المطلوب وتسريع تحقيق الأهداف. الأمر الذي يجدر بالتذكير هنا هو أن تطوير أي من البعدين (الآلية الإدارية أو ثقافة العمل) وحده دون الآخر لن يساعد على تحقيق اهداف التنمية. فتطوير الآلية الإدارية فقط دون تغيير مفاهيم وثقافة العمل لدى العاملين أشبه بمن يضع حليبا عديم الصلاحية في كأس زجاجية جديدة. في مقال لاحق سنناقش إن شاء الله تحديث الآلية الإدارية بشكل يساعد على تحقيق أهداف التحول.
والله الهادي الى سواء السبيل.