سعد بن عبدالقادر القويعي
كانت أولوية في القمة العربية التاسعة والعشرين، أن أطلق خادم الحرمين الشريفين -الملك- سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- عليها لقب «قمة القدس»؛ للتأكيد على ثوابت الدولة السعودية -منذ تأسيسها وحتى اليوم-، وكذلك -تعزيز لهوية القدس، وعروبتها، بأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى بلا منازع، وأن القدس مدينة -عربية وإسلامية-، وهي عاصمة للدولة الفلسطينية، وأنها لا زالت تشكل القضية المركزية المحورية للنظام الرسمي العربي.
رفض جميع المحاولات التي من شأنها تقويض حق الفلسطينيين في السيادة الكاملة على مدينة القدس عاصمة لدولة فلسطين سياسة تبنتها المملكة، بعد أن آمنت بها، بصفتها قضية المسلمين الأولى في جميع المحافل الدولية، بل والتأكيد على بطلان شرعية القرار الأمريكي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؛ باعتبار أن القدس الشرقية ستبقى عاصمة فلسطين العربية؛ لكونها جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة - منذ العام 1967م -، -إضافة- إلى التحذير من اتخاذ أي إجراءات من شأنها تغيير الصفة - القانونية والسياسية - الراهنة للقدس؛ حتى لا يؤدي ذلك إلى تداعيات مؤثرة على الشرق الأوسط بأكمله، -وبالتالي- عدم قيام سلام دائم في الشرق الأوسط، دون التوصل إلى حل عادل لهذه القضية، والذي يأخذ في الاعتبار قرارات الشرعية الدولية الصادرة بهذا الخصوص.
في السياق ذاته، فإنه لا مكان لمزايدة مكابر على جهود هذه البلاد تجاه قضية القدس. فالاهتمام الكبير بالمقدسات الإسلامية شكّل استمرارا لمنهج رعاية هذه المقدسات - منذ أمد بعيد -، وما إعلان خادم الحرمين الشريفين - الملك - سلمان لتبرع المملكة بـ«50» مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة؛ لإغاثة، وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى «الأونروا» في قمة القدس، وتبرعها كذلك بمبلغ «150» مليون دولار لبرنامج دعم الأوقاف الإسلامية في القدس، إلا دليل على أن القدس ستبقى في وجدان كل مسلم، ولن يتم التنازل عنها، وتأكيد -في المقابل- على دعم قضية اللاجئين، وحقهم في العودة، وتقرير المصير.
فلسطين باقية في نهج السياسة السعودية؛ حتى ينال الشعب الفلسطيني -كافة- حقوقه المشروعة، وقيام دولته المستقلة، وذلك في إطار الحل الدائم، والعادل، والشامل، والمستند على قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، والتي تنم عن تصور ثابت لسياسة هذه البلاد المباركة في التعامل مع المتغيرات الدولية؛ بما يحقق مصلحة العالم الإسلامي، وقضاياه الشائكة، -وفي مقدمتها- القضية الفلسطينية.