فقدت أسرة الصالح رجلاً محبوبًا وابنًا غاليًا عليها، هو ابن العم الدكتور/ فؤاد بن فهد الصالح - رحمة الله عليه - فقد حظي باحترام وتقدير كبير؛ لما اشتملت عليه سجاياه من مكارم أخلاق وتواضع بلا تكلف أو تصنُّع، ودماثة خلق، ونقاء السريرة؛ لا يعرف حقدًا أو كراهية أو حسدًا.. وقد شهد له بذلك كل من تعامل معه من الأقارب وذوي الأرحام والأصدقاء. كما كان محبًّا لأقاربه، مشاركًا لهم في أفراحهم وأتراحهم، متابعًا لشؤونهم، وكان نعم الزوج، فعاش أبًا وأخًا وجدًّا مثاليًّا بشهادة أهل بيته والمقربين منه. ونقلاً عمن رافقه في أسفار عمل على مدى أكثر من عشرين عامًا، إذ يقول: «لم أجد أجمل ولا أحلى من صحبته وبشاشته، وكرم ضيافته.. ولقد كان مُجدًّا في عمله، متابعًا لأدق تفاصيل ما يقوم به من عمل، ولا يصر - رحمه الله - على رأيه أبدًا إذا رأى رأيًا أفضل من رأيه». ولقد كان لابن العم حضور واضح ومؤثر في المجالس؛ وهو مما زرع حبه في قلوب كل من يعرفه. وعُرف عنه - رحمه الله - الصبر في الملمات، والاحتساب عند وقوعها.. ولا نزكي على الله أحدًا؛ إذ فقد على فترات متقاربة شقيقه الوحيد وعضده شابًّا، ثم فلذة كبده، ثم والده - رحمهم الله جميعًا -. وحرصًا منه على صلة الرحم فقد كان بيننا نحن أبناء العمومة لقاءات شهرية في منزله، التي استمرت أكثر من عشرة أعوام، جعلها الله في ميزان حسناته، ورفع الله بها درجاته. ولقد كان له من أعمال البر والخير الكثير؛ فكان حريصًا كل الحرص على ألا تعلم شماله ما تنفق يمينه على الأسر الفقيرة وذوي الحاجة.
إنَّ من أشد النوازل التي تصيب الإنسان مصيبة الموت وفقد الأحبة، ولاسيما من هم لهم وزن في هذه الحياة، وهذه مشيئة الله في خلقه، والله سبحانه وتعالي يقول: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (العنكبوت، 57).
توفي أبو زياد - رحمه الله - بعد أدائه صلاة الفجر جماعة يوم السبت 24/ 5/ 1439هـ. ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «من صلى صلاة العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله». ويقول عليه الصلاة والسلام عن فضل صلاة الفجر: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فانظر يا ابن آدم لا يطلبك الله من ذمته بشيء». ويقول أيضًا عليه الصلاة والسلام: «لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها».
ومن ترك سيرة عطرة في هذه الحياة الدنيا فلن ينقطع ذكره، بالرغم من أن الإنسان كُتب عليه النسيان. إن فَقْد أبي زياد ترك فراغًا كبيرًا بين أهله ومحبيه. اللهم ارحم فقيدنا ابن العم الدكتور فؤاد بن فهد الصالح رحمة الأبرار، واجعله في الفردوس الأعلى من الجنة يا رحمن، وألهم زوجه وأبناءه وبناته وأخواته الصبر والسلوان، واجعلهم خير خلف لخير سلف، إنك ولي ذلك والقادر عليه
أ.د. عامر بن ناصر الصالح - جامعة الملك سعود