م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. الشخصية بمكوناتها التي تشكّل هويتها الفردية لا يمكن تحليلها كمجموعات.. بل يجب النظر إلى كل شخصية على أنها حالة فردية مستقلة لا تشبه شخصية أخرى.. فهي كالبصمة الوراثية (DNA) هناك تشابه عام وهيكل مشترك لكن كل شخص له صفته الوراثية المستقلة.. لذلك لجأ علماء النفس في تحليلهم للشخصيات إلى الانطلاق أولاً من محددات تخلق إطاراً عاماً وليس فردياً، مثلاً: محدد العمر.. فالستينيون ليسوا كشباب العشرين من حيث فارق التجربة وفارق وقار العمر وفارق الحيوية وفارق المصالح والمسؤوليات... إلخ.. ثم هناك محدد العقل الباطن المكتسب من ثقافة المجتمع الذي يؤثّر في رسائله على العقل الواعي.. ثم محدد وسيلة الإدراك لدى الفرد وهل هو سمعي أم حسي أم بصري.
2. بخلاف محددات تكوين الشخصية هناك العوامل المؤثّّرة في تكوين الشخصية ومن أبرزها: العامل الوراثي الذي يطبع الإنسان بطابعه الشكلي والنفسي والعقلي.. أيضاً هناك محيط النشأة وتربية الأسرة، حيث يكتسب الفرد مجمل خبراته الأولى.. وتنمو لديه أجهزة الاستشعار الأساسية (القابلية) في إدراكه للأمور وتأصيل سلوكياته وتنمية مهاراته.. كل هذا يؤثّر بدوره على نموه النفسي والأطر المحددة لمبادئه وأخلاقه.. وأخيراً هناك المؤثّرات الثقافية والاجتماعية.. فالعادات والتقاليد والمعتقدات الدينية والأعراف الاجتماعية السائدة كل ذلك له تأثير عميق في تكوين شخصية الفرد.
3. لاختلال الشخصية علامات دالة يمكن من خلالها استقراؤها وتحليلها.. فالذي يعاني من مشاكل دائمة مع الجميع.. فهذا حتماً لديه اعتلال في شخصه أدى إلى خلل في شخصيته فصارت مرتابة أو عدوانية مثلاً.. أيضاً الشخص الذي يواجه صعوبة في التكيّف مع المحيطين به ولا يحتمل الضغوط النفسية في البيت أو العمل.. فهذا ربما يعاني من أنه شخصية انطوائية أو تجنبية.. أيضاً هناك صاحب المزاج المتقلب الذي تجده أحياناً ذا عاطفة جياشة ثم يتحول فجأة إلى شخص حاد الطباع متقلّب الانفعال.. فهذا غالباً مزاجي ذو حساسية مفرطة.. وهكذا.
4. أما الشخصية السوية فهي الشخصية المثالية.. وهذه نادرة الوجود أو لا وجود لها على أرض الواقع.. لكن الناس تقترب منها وتبتعد حسب ظروفها وتجربتها ومصالحها.. إلا أن هناك شبه اتفاق عام على أن الشخص السوي هو الذي يمتلك التوازن النفسي بحيث لا يكون متردداً لدرجة أن يقف ولا مندفعاً إلى حد التهور.. الذي يوازن بين حاجات روحه وجسده وحاجات شخصه ومجتمعه.. شخصية السوي لا تخالف الفطرة الإنسانية.. وسلوكه لا يشذ عن سلوك مجتمعه.. في وسطية متوازنة بلا إفراط ولا تفريط.. الشخصية السوية اجتماعية صادقة منتجة تتحمّل المسؤولية.. بعيدة عن الانحراف أو الشذوذ في السلوك والأفكار.