د. محمد عبدالله الخازم
يوشك الموسم الرياضي المحلي على النهاية، هناك الكاسب وهناك الخسران، وفي حضرة الصخب المتعلق بذلك نكرر العبارات المأثورة في هذا الشأن؛ مبروك للفائز وحظاً أوفر للخاسر في المرات المقبلة. بعيداً عن ميولي الرياضية والتحليل الفني لمنافسات الموسم بالذات في مجال كرة القدم، يهمني النظر للرياضة كمنظومة مؤسسية وأحلل الجانب التنظيمي والإداري والتشريعي.
أن تفوز بمباراة أو مباراتين دون معالم طريق تضمن فيها الاستمرارية والتطور يقال عنه ضربة حظ، أو طفرة مؤقتة لا تلبث أن تختفي.
بدون أن أغضب القائمين على شؤوننا الرياضية فإن ذلك يبدو الواقع في رياضتنا؛ مرة واحدة قبل ربع قرن تجاوزنا الدور الأول في كأس العالم فلم نستطع تكرارها ومثلها لم نستطع تكرار الفوز بكأس آسيا وهكذا.
شاهدت لقاءً لمعالي رئيس هيئة الرياضة يرحب فيه بالنقد وباعتباري لست منتمياً للوسط الرياضي، فربما أستطيع إبداء رأيي بتجرد حول الجانب المتمثل في السياسات التنظيمية والإدارية، متوقعاً أن تكون ردات الفعل رياضية تجاه أي طرح يتفق أو يختلف معنا.
نحتاج سنوات طويلة إلى بناء منطومة إدارية وفق أسس مؤسسية وقانونية متطورة، ليس لأنه صعب كتابة نظام، ولكن لأن النظام يتطلب ممارسة على التطبيق وصبر ومثابرة على التثقيف به وتحمل للأخطاء التي تحدث أثناء ذلك وإصلاحها أولاً بأول.. إلخ.
عندما تبني تنظيماً يجب أن تكون صبوراً تنظر للهدف البعيد الناتج عن تطبيقة، لا أن تهدمه في بدايته بحجة أنه مشروع فاشل لا يصلح للتطبيق.
اسمحوا لي -وأكثر من طلب السماح، لأنني أريد قول رأياً وأذهب في حالي- بالإشارة إلى أن كرة القدم السعودية أنجزت خطوات معقولة في العمل التشريعي والتنظيمي خلال السنوات الأخيرة، حتى ولو لم تكن النتائج في الملعب موازية، ورغم العثرات التي ظهرت هنا وهناك أثناء التطبيق.
تم العمل على ترسيخ أهلية اتحاد كرة القدم وبدأ الناس يستخدمون الأنظمة كمرجعية وبدأ العمل المؤسسي عبر لجان منظمة وتطور الفكر الاقتصادي الرياضي على مستوى اتحاد كرة القدم.. إلخ.
وكنت أتمنى المواصلة على ذلك المنوال لا أن نتراجع للخلف.
كنت أتمنى أن تتفرغ هيئة الرياضة لإصلاح البنية التنظيمية والحوكمة والملكية والتخصيص والتشغيل للأندية كمنظومات مؤسسية وأن تترك شأن كرة القدم لاتحاده ورابطته وهم ممثلون شرعيون للعبة وأهلها، لكن ما حدث هو العودة لزمن مضى.
كنا نتمنى ألا يتم العودة لخلط الأوراق والدخول في تفاصيل صغيرة تخص كرة القدم والتأثير على الاتحاد المنتخب بشكل مباشر أو غير مباشر، حد طمس هويته وجعله كياناً مكبلاً متردداً مهمشاً.
عند تهميش العمل المؤسسي تبدو القرارات فردية أو كأنها تسير وفق الإثارات الجماهيرية أكثر منها وفق الركادة التنظيمية والقانونية.
عندما يصبح الفرد مصدر القرار ومصدر الإثارة وليس المؤسسة فذلك أمر لا يتسق مع التطور الذي وصلناه في هذا المجال.
نحن نقدر الحماس وفورة الشباب الرياضية الراغبة في التغيير والطامحة للنتائج السريعة لكن نختلف على الطريقة، حيث العمل الرياضي مثل أي عمل إداري تنموي بشري يتطلب السند العلمي والشفافية، كما يحتاج الوقت والممارسات الممتدة لترسيخ قيم النظام والقانون.