هدى بنت فهد المعجل
(1)
تزدحم في الصدر الهموم، وتتراكم..
تشتبك بحيث يصعب فك تشابكها..
يغدو الصدر كبيتِ عنكبوت لزج يلتصق به كل ما هو عابر من هموم الآخرين في ظلمة همك..
كل من لديه هم أثقل كاهله يمر ببيت العنكبوت - صدرك- يلصق به همه ويرحل..
إلا هي.. لا ترى لهمها بيتاً يلتصق به سوى بين أضلع لينة، وحول قلب واهن، بائس، ما زال يتنفس الأمل..
وسيستمر ما استمرت الحياة بها، وإن عصفت برداء صبرها عواصف الظروف، وأزاحت الخمار عن وجه الترقب والانتظار فاتضح الشحوب، وظهرت للضوء تعرجات الهموم الممتدة على الناصية.
(2)
لديها قناعة لا يعتريها شك أن الكل يرى هموم الآخرين بليدة، كسولة!! إلا همه نشط، متجدد، متجذر، لم يعانِ مثله أحد فتكتفي بلصق همها في جدار صدرها محمياً بأضلع لينة ربما يجعلها تراكم الهموم، وطول أمد الصبر صلبة شديدة الصلابة على انحناء..
(3)
قلما يخلو صدر امرئ من هم..
قلما تشكو المركبات من عطل..
كل جهاز بين إصبعين من أصابع الخلل..
وإلا لما احتجنا لمؤسسات صيانة.. وفني أعطال..
ولما امتد بنا الأمل في صلاحها بعد عطب..
والمؤلم جهاز ثمين قيم صلاحه مستحيل..
ومركبة أثرية لا وجود لقطع غيار لها..
وصدر ثلمه الهموم ولا صدر آخر يحتويه فكل الصدور قد ثلمت!!
فكيف بمن يرى نتوء صدره ويستهين بنتوء صدر الآخرين!! هل ستراودك نفسك في اطلاعه على نتوء صدرك؟؟!
(4)
نعم الهموم أقدار لا بد منها، ولا مفر..
ولكنها نسب ومقادير..
والصدور طاقة احتمالها للهموم تختلف من شخص إلى آخر..
وأعداد المستعدين لاحتواء همومك بجانب همومهم في تناقص مستمر..
فلا أقداحهم تتسع همها.. وقدحها فاض وانسكب فلا تحاولي جمع ما انسكب..
اتركيه للأرض تبتلعه.. أو للشمس تجففه..
ربما الطيور تشربه كلما حطت على كتف الأرض..
وإن لم تبتلعه الأرض، أو تجففه الشمس، أو تشربه الطيور.. فسيأتي يوم..
حتماً سيأتي يوم ما إن ترفعين أجفانك للأعلى حتى تبصري الهموم محلقة نحو الأبعاد.