عروبة المنيف
عندما نتحدث عن بناء جسور للثقة بين الزوجين نقصد بها تلك العملية التي تقتضي بذل مجهود مكثف من طرفي العلاقة، والتي من أهم متطلباتها توافر مكون رئيس لدى الزوجين، ألا وهو الوعي الكامل بالعلاقة الزوجية التي تربطهما وبإدراك قدسيتها، ما يسهم في مد جسور الثقة بينهما وتقويتها ليعبر الحب والمودة والتفهم والرحمة والانسجام من خلالها ما يضمن نجاح وديمومة العلاقة.
ومن أجل تأسيس تلك الجسور وضمان جودتها ومتانتها يتوجب على الشريكين إعادة حساباتهما في طريقة تفكيرهما في نفسيهما وتفكيرهما في الشريك وفي احترام قدسية الرابط الذي يجمعهما، بالإضافة إلى انتهاج سلوكيات إيجابية ينتج عنها خلطة متينة قادرة على مد جسور الثقة بين الشريكين وحمايتها من الانهيار، وسألخص هنا أكثر تلك السلوكيات شيوعاً:
- إدراك الزوجين بأن السعادة هي مسؤولية شخصية، فالشريك قد يحاول إسعاد شريكه الآخر، لكن في النهاية سعادتي مسؤوليتي.
- الإخلاص في العلاقة، ويشمل الإخلاص كافة المستويات الجسدية والعاطفية، فبالإخلاص يزداد الاحترام وبالاحترام ترتقي العواطف الداعمة للجسور.
- إعطاء الشريك المساحة الكافية لتقوية شعوره بالأمان والحماية، فكل إنسان يحتاج للحرية والخصوصية، والتجسس على الشريك سيتسبب في فقدان ثقة الشريك الآخر وإخلاصه، وعدم التعرض لهاتف الشريك يعتبر من المسلمات، واقتحام تلك الخصوصية هي من أكثر المعاول هدماً لجسور الثقة وبالتالي للعلاقة.
- محبة الشريك بدون أن يكون هناك أي دافع خفي آخر وراء تلك المحبة، فكلاهما يجب أن يشعرا ببعضهما البعض، وبأنهما محبوبان لشخصيهما لا لأي سبب آخر، كالمال أو العائلة أو الشكل أو غيره.
- أن يكون الشريك جديراً بالثقة، فعندما يشعر الطرف الآخر من العلاقة بأنه يستطيع الاعتماد على شريكه في إنجاز الأمور، سيشعر بالأمان والاطمئنان.
- قول الحقيقة، ونعني بذلك عدم إخفاء أي حقائق عن الشريك، إنها سلوكيات مسلم بها وضرورية، فعاجلاً أم آجلاً ستظهر العواقب المدمرة لعدم الصدق والصراحة.
- مشاركة المشاعر الحقيقية، فالتخمين يقود إلى الوهم، والاهتمام الزائد أو التجاهل من أحدهما هي سلوكيات غير مرغوبة ينتج عنها مشاعر سلبية لا تخدم طرفي العلاقة.
- انتقاء الكلمات، القول يتبعه فعل، فعندما يقول الشريك بأنه سيفعل، يتوجب عليه الالتزام بكلمته.
- الاعتراف بالخطأ، عند صدور أي تصرف قد يؤذي مشاعر الشريك، فينبغي المبادرة بالاعتذار، وتكرار الخطأ من الشريك يستدعي طلب المساعدة لتجاوز ذلك مستقبلاً.
(10 الإطراء، فالشركاء يحتاجون باستمرار لسماع كلمات جميلة من بعضهم البعض، وعلى الرغم من بساطة ذلك إلا أن وقعه كبير على النفس.
في الختام «المرونة» مهمة جداً في حل الخلافات فنحن مختلفون. ولصيانة جسور الثقة بين الشركاء لإنجاح أي علاقة يتوجب أن يتمتع الشركاء بالقدرة على حل الخلافات بمراجعة مفهوم «التوقعات من الشريك»، فنحن لسنا ملائكة، ما يستدعى تقبل الاختلافات التي بينهما وإيجاد حلول وسطية تضمن رضى طرفي العلاقة، وفي النهاية التصالح مع النفس هو الأساس في أي علاقة، من خلال مراقبة المشاعر وتحرير النفس من قيود المشاعر السلبية واستبدالها بمشاعر إيجابية بشكل مستمر.