رجاء العتيبي
معايير البنية التحتية (معارض، مسارح، مقرات ورش عمل، ساحات، مدن ثقافية، قصور ثقافة... إلخ) هذه معنية بها المؤسسات الثقافية كهيئة الثقافة، ولا نحمل المتعهد تهالك المقرات الحالية، لأن المتعهد أيا كانت إمكاناته الفنية والمالية والإدارية لن يتمكن من تقديم مخرج ثقافي متميز طالما أن موقع الحدث غير مؤهل، ومهما أعاد تصميم المكان سيظل هناك عوائق هندسية ومعمارية وجمالية تحد من تميز الفعالية.
طالما أنه ليس هناك معايير للجهات والأفراد التي تنفذ الأعمال الثقافية، سيظل لدينا ضعف في المنتج الثقافي، وطالما أن العمل الثقافي يتم تنفيذه حسب العلاقات الشخصية أو قرب أحدهم من صانعي القرار أو حسب نظام الطوارئ نفذ العمل بأي شكل لأن (الوقت ضيق)، طالما أن هذه لم تعالج بصورة جذرية فإن الأخطاء ستكون هي ذاتها، والمخرج النهائي سيظل متهالكًا لا يفي بطموح الجماهير.
شغل الخيام والبارتشنات والساحات غير المستوفية لأبسط الخدمات لم تعد ذات جدوى إذا أردنا أن ننافس إقليميًا على الأقل، يمكننا أن نفعل الكثير، فإمكاناتنا لم تستغل سوى 10% فقط، ما يعني أننا قادرون أن نعمل المدهش والمثير وغير المتوقع، في ظل تراجع عواصم الثقافة العربية، هي فرصة سانحة لأن نمسك بزمام العمل الثقافي ونشكل واجهة ثقافة لكل العرب ومركزًا محوريًا للقارات الثلاث.
ماذا يجب أن نفعل الآن؟ هذا هو السؤال، الشأن الثقافي كبير ومتشعب ومتنوع، وهذا يجعل المهمة أكثر صعوبة، ربما لا يدري أحد ما هي الخطوة الأولى للنهوض بالعمل الثقافي، ولا الثانية، ولا الثالثة، ولو سألت أحدًا، مديرًا أو متذوقًا أو ممارسًا كل منهم سيعطيك الأولية التي يراها مناسبة، وهذا يجعل المهمة أكثر صعوبة من هو الأكثر صوابًا.
في تقديري أن الهيئة العامة إذا لم ترتب هذا الأمر، وتحدد فلسفتها ودورها بشكل دقيق فإن بقية الأعمال المنبثقة منها ستكون هي الأخرى تائهة، هل الهيئة معنية بالجانب الاستراتيجي فقط، هل هي معنية بتنظيم الفعاليات، هل هي معنية بتصميم وتنفيذ البنية التحتية، وتأهيل القائم منها؟ هل هي معنية بالتأهيل الأكاديمي...إلخ.
لا أحد يقول إن الهيئة معنية بكل ذلك، لأنها لن تستطيع وإذا فعلت ذلك وتبنت كل المهام ستتحول مع الزمن إلى كيان مترهل ونعود للمربع الأول، حتى الآن لم يتضح أمرها، فما زالت مع تغيير مجالسها ومسؤوليها تفكر وتناقش وتستشير ولكن لم تتضح هويتها بعد، وربما في قادم الأيام نعرف دور ومهام الهيئة بصورة محددة، لأن الهيئة العامة للثقافة هي أمل الجميع، وفي حال فشلها، فإننا سنبصم بالعشرة بأن حالنا لن ينصلح على مر الزمان، وسيكون هذا قدرنا، ولن تأتي فرصة مواتية للإصلاح الثقافي كالفرصة التي نعيشها الآن.