علي عبدالله المفضي
عندما بدأت صحافة الشعر الشعبي قبل عقود لم يكن هاجس الانتفاع والمصلحة الخاصة يمر ببال الرواد الأوائل حيث كانت الأهداف والنوايا بيضاء سامية وكان أبعد ما يحلم به أحدهم أن يرى ما يستحق من الشعر أن يبقى هدفاً عظيماً يهون من أجله العناء والمشقة خلال السعي للبحث عن نص منسي أو مبدعٍ منزوٍ أو التحقق من معلومة خاطئة أو تحقيق مخطوطةٍ قيّمة، ولم تكن المساحة الممنوحة كافية لطرح إلا لما هو إبداع مميّز لذلك كان لا يصل الأمن هو جدير بالوصول ومواجهة المتلقي ولأن القائمين على تلك المنابر كانوا أساتذة بحق إذ لم يكن للمجاملة أو المحاباة مكان في منابرهم لذا لم يكن الوصول عن طريقهم سهلاً أو مفروشاً بالورد.
وما أن تولى بعض المنابر من هدفه مصالحه الخاصة ومكاسبه الشخصية حتى كثر ادعياء الشعر ونجوم الصور البارزة والنصوص الباهتة أو المختلقة وأصبح كثير من المبدعين الحقيقيين في آخر قائمة الاهتمام وانتعش سوق الوهم والتضليل والادعاء والنجومية الزائفة والصورة الفوتغرافية على حساب الصورة الشعرية المدهشة.
واتسعت المساحة الممنوحة لطرح الشعر وتضاءلت حالات الابداع والابهار وتوارى المبدعون الحقيقيون حفاظا على ما لديهم من فن رفيع يرفضون ان يُساوى بما يطرح من هباء وحتى أكون منصفاً وبعيداً عن التعميم الظالم فإنني لا أنكر أن هناك من الجمال والابداع ما يستحق أن يُشاد به ولكنه أقل من أن يُرى بين هذا الركام الرديء من المطروح في المئات من الصحف والبرامج والمواقع ووسائل التواصل الذي يجعل المصادفة غالباً وسيلة من يعشق الشعر للوصول إلى مبتغاه.