يوسف المحيميد
لم يكن أمرًا عابرًا اختيار مركز الملك عبدالعزيز الثقافي (إثراء) كي يحتضن القمة العربية، وليس قرارًا عاديًا أن تحتضن القاعة الكبرى هذا الحدث العربي الكبير، تلك التحفة المعمارية التي تعد نافذة مفتوحة على العالم، ونقطة اتصال مقر المركز مع الثقافات الأخرى، وإنما هي رسالة واضحة من المملكة إلى العالم بأنها تتولى فعلاً دورها المتوقع على المستوى الأقليمي، وتقوم بكامل مسؤوليتها تجاه العالم العربي الكبير.
هذه القمة التي يرأسها الملك سلمان، الذي سعى وخلال ثلاث سنوات فقط من توليه الحكم، ستحاول إعادة اتجاه بوصلة العالم العربي إلى هويتها العربية، وترتيب البيت العربي من الداخل، وتنظيفه من التنظيمات والميليشيات الإرهابية، التي نخرت فيه لعقود طويلة، وإيجاد حلول فاعلة لكل الأوضاع والمآزق التي يمر بها العالم العربي، في سوريا وليبيا واليمن، وفي الأراضي المحتلة، ودعوة مجلس الأمن إلى التحرك الجاد وتحمل مسؤولياته لحل النزاع العربي الأسرائيلي.
هذه القمة هي طوق النجاة بعد ست قمم تم عقدها خلال السنوات الست العاصفة التي مر فيها العالم العربي، بما يسمى الربيع العربي، وتكتسب أهميتها لعقدها في المملكة، ولكونها تأتي بعد استقرار العراق نسبيا، وانتهاء الانتخابات المصرية، مما قد يجعلها تسهم في تعزيز العمل العربي المُشترك لمواجهة التحدّيات وإنقاذ الشعوب المنكوبة، المتورطة بأنظمة دموية أو ميليشيات إرهابية، كسوريا واليمن.
هذه القمة تأتي بعد جولة سعودية قام بها ولي العهد إلى أبرز دول العالم، والعالم العربي، فمن مصر إلى المملكة المتحدة، ومن أمريكا إلى فرنسا إلى إسبانيا، لتوقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، وفتح مجالات استثمارية جديدة في مجالات عسكرية واقتصادية وثقافية مهمة، بما يعني أن المملكة تعمل فعلاً على إعادة الأمل إلى عالم عربي منكوب.