نجيب الخنيزي
في 4 يونيو 1956 حكمت المحكمة الأمريكية بأن التمييز العنصري في الباصات هو أمر غير دستوري، وقبل نهاية ذلك العام صار يحق للسود الجلوس في مكان واحد مع البيض.
وفي 9 ايلول 1957 وافق الكونغرس على مشروع قانون الحقوق المدنية وكان من نتيجة ذلك إنشاء مفوضية الحقوق المدنية كهيئة مستقلة، وإنشاء دائرة للحقوق المدنية تابعة لوزارة العدل.
في 10 كانون الأول 1964 نال كينغ جائزة نوبل للسلام، تقديرا لكفاحه السلمي من أجل نيل السود حقوقهم المدنية
وفي عام 1965 شهد إنجازاً آخر حين وقع الرئيس نيكسون القانون الذي يمنح السود حق الاقتراع في الانتخابات، ولكنه شهد أيضا اغتيال المناضل الأسود المعروف باسم «مالكوم X».
لم يطالب كينغ بالعدالة لأبناء جلدته من أصول أفريقية فحسب، بل لجميع الفقراء والمهمشين في الولايات المتحدة، فضلا عن معارضته العلنية الشديدة للحرب التي كانت تشنها حينها واشنطن على فيتنام، وهو ما جعله محل رصد ومراقبة الأجهزة الأمنية الأمريكية.
لا يزال ماثلا للأذهان الخطاب الشهير (لدي حلم) الذي ألقاه د. مارتن لوثر كينج أمام النصب التذكاري للرئيس الأمريكي ابراهام لنكولن في الثامن والعشرين من أغسطس عام 1963 الذي استهل خطابه قائلاً «قبل عقود من الزمان، وقّع الأمريكيّ العظيم الذي نقف اليوم تحت ظله الرمزي قرار إعلان تحرير الزنوج، وجاء هذا القرار الهام أملا عظيما للملايين من الزنوج العبيد الذين عانوا واحترقوا بلهب الظلم المزري، جاء كفجر مشرق لينهي سنوات الليل الطويل تحت الأسر، لكن.. وبعد مائة سنة من ذلك الإعلان، يجب أن نواجه الحقيقة المأساوية:
الزنجي.. ليس حرا. بعد مائة سنة، مازالت حياة الزنجي مشلولة بقيود العزلة، وأغلال التمييز.. بعد مائة سنة، مازال الزنجي يعيش في جزيرة من الفقر المدقع وسط محيط شاسع من الرخاء الاقتصادي».
بعد مائة سنة، مازال الزنجي يعاني في أنحاء مجتمعه، ومازال يعتبر نفسه منفيا في أرضه وأشار إلى أنه لن يكون العام 1963 النهاية بل سيكون هو البداية.. وسيباغَتُ أولئك الذين يعتقدون أن ما يجري إنما هو تنفيس عن غضب يمارسه الزنوج وأنهم سيعودون لممارسة أعمالهم المعتادة غدا..
ولن ينعم الوطن بالهدوء حتى يحصل الزنجي على كل حقوقه الوطنية..
وستستمرّ رياح الثورة في هز أسس الدولة حتّى اليوم الذي تتحقق فيه العدالة للجميع.. «لقد صدقت نبوءة مارتن لوثر كينج وألغيت قوانين الفصل العنصري في عام 1964 غير أنه دفع حياته ثمنا لذلك حيث اغتيل في عام 1968 على يد عنصري أبيض» وبعد مرور أربعة عقود على اغتياله جرى اختيار باراك أوباما كأول مرشح أسود في تاريخ الرئاسة الأمريكية، وهو ما يعكس حجم التغير النوعي في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية لدى الشعب الأمريكي.
غير ان ذلك لا يخفي حقيقة استمرار مظاهر التمييز ضد السود وإثنيات أخرى كالآسيويين والهسباك (من أصول لاتينية)، كما ينعكس على صعيد نسبة الفقر والبطالة ومستوى الدخل، ونسبة التمثيل في الهيئات التشريعية والحكومية.
كما نستحضر الحالات المتكررة لتجاوزات أفراد الأجهزة الأمنية التي تستهدف السود العزل بالأسلحة النارية.
كما ترصد عديد من التحليلات، بأن ظاهرة تصدر الخطاب الشعبوي الذي يطرحه الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، وفوزه في الانتخابات الأمريكية يعود بالدرجة الأولى إلى الدور المتنامي للنواة الصلبة من البيض المحافظين، بل وحتى بين صفوف العمال البيض المناهضين للهجرة واللذين يحملون الإدارات السابقة المسؤولية عن تدهور الأوضاع الاقتصادية، وتدهور دور ومكانة الولايات المتحدة على الصعيد العالمي.