إبراهيم عبدالله العمار
صحِّح لي لو كان كلامي خاطئًا، لكن كلمة «دقيقة» - حسب علمي - تعني 60 ثانية، أليس كذلك؟
لكن أرى أن معناها عند الناس أطول بكثير!
لو اتفقتَ أن تجتمع مع شخص في مكان فلو كان عربيًّا فالغالب أن لا تجده، وإذا كلمتَه قال لك: «دقيقتين وأنا عندك». من تجربتي وتجربتك فإن الدقيقتَين هاتَين تعنيان 10 دقائق. أما إذا سمعت كلمة «خمس دقائق» المشؤومة فاجمع متاعك واذهب؛ لأن «خمس دقائق» صارت تعني نصف ساعة! نحن العرب لا نهتم بالوقت كثيرًا.. وهذا يوجد لدى غيرنا، والكل يتفاوت. في ماليزيا كلمة «سأتأخر 5 دقائق» تعني ساعة، ولا تتطلب الاعتذار. وفي كوريا الجنوبية يهتمون بالوقت كثيرًا، ويعتبرون التأخر دليل قلة احترام. أما في الصين فلا بأس أن تتأخر 10 دقائق. وسترتاح في المكسيك؛ إذ لا بأس أن يتأخر الشخص نصف ساعة عن اجتماعه. أما في نيجيريا فلو قيل لك إن اجتماع الشركة سيكون الساعة الواحدة فسيبدأ بين الواحدة والثانية. ويستخدم البرازيليون كلمة «وقت إنجليزي»؛ ليعني «تعال في الوقت المحدد، ولا تتأخر»؛ لأن الوقت البرازيلي لا بأس أن تتأخر فيه. واليونانيون يتأخرون على الأوقات المتفق عليها، لكن إذا كنت أجنبيًّا فيتوقعون منك أن تصل في الوقت المحدد، وهو المبدأ نفسه في روسيا، ولا تتوقع اعتذارًا من روسي تأخر عليك، لكن هو سينتظر اعتذارك لو تأخرتَ! ولا أنصح أي عروس بأن تتزوج في كازاخستان؛ لأن الوقت عندهم مطاط لدرجة أن التأخر حتى على أشياء مهمة كحفلات زفاف شيء متوقَّع.. لكن احذر في ألمانيا!
ففي ألمانيا يُتوقَّع منك أن تصل قبل الموعد بعشر دقائق، ولا ينافسهم في ذلك إلا اليابانيون. وخذ قطاراتهم مثالاً؛ فالقطارات اليابانية من أشد القطارات في العالم انضباطًا في الوقت. والحقيقة إن التزامها بمواعيد الوصول والانطلاق مدهشة، وتسعى أن تلتزم بمواعيدها بالدقيقة بل حتى بالثانية. وقد قاس مختصون أوقات تأخُّر قطار خط توكايدو شينكانسن الذي يربط بين طوكيو وأوساكا، ووجدوا أن معدل التأخير في السنة كاملة كان 18 ثانية فقط! إذا تأخر قطار عن موعده 5 دقائق كان هذا شيئًا غير متوقع، وحينها يعتذر الطاقم للراكبين، ويُصدرون لكل منهم شيئًا يسمى «شهادة تأخُّر»؛ لأن القطار وسيلة نقل أساسية، وسيتورط الراكب مع جهة عمله إذا تأخَّر. ولأن القطارات هناك معروفة بأنها شديدة الانضباط فلن يصدق المدير أن قطارًا تأخر؛ ويحتاج إلى إثبات.
أما إذا تأخر القطار ساعة فأكثر فهذا حدث نادر؛ يظهر في الأخبار!
صدق الوعد واحترام الوقت يجب أن يكونا من سمات الشعوب الإسلامية؛ فديننا يحث على ذلك.. نحن أحق منكم بهذا أيها اليابانيون!