د. خيرية السقاف
بهجة المبدع وهو يدوِّن آخر نقطة في تُحفته التي صاغها لا تقل عن سروره الخفي بفكرتها في عند نزولها..
ولعل أسعد من يخفق قلبه, وعقله معا هو المبدع,
مبدع الكلمة, واللون, والعجن,
محرك اليراع, والإزميل, والريشة, والمطرقة,
وأي أداة تكون السبيل لتمام ما خفق بدءاً, وتماثل انتهاءً بين يديه..
حين تغدو فكرة المبدع تلك التي تشعل مخيلته, ويتدفق بها حسه, ويخضع لها تفكيره كياناً قائماً في نص لغوي, أو منحوتة خشبية, أو صلصالية, أو حجرية, أو قطعة موسيقية, أو لوحة تشكيلية فإنها الخاتمة المرسى..
ترسو به مبتهجاً بشيء قد لا يستطيع هو ذاته أن يصفه, أو يسمه, وإن كان يصنفه في ضوء ما تعارف على نوعه, وفنه الناس..
فالناس صنفت إبداعها الفكري بالشعر, وبالنثر, بالتشكيل, وبالنحت, بالموسيقى, وبالتصوير,
بما لكل حاسة في الإنسان ما يشجيها حتى الطبخة اللذيذة على مائدة الطعام,
وخامة التصنيع في ملمس الأصابع..
الإنسان تقطن فيه بهجة ذات طعم خاص, تلد مع كل ما يبدعه هو ذاته, أو الإنسان الآخر المطلق..
غير أن هذه البهجة لا تنتقل لأجواء النفوس المتلقية إلا متى ربيت فيها مهارات التذوق, وأسست فيها قيم التفاعل مع إبداع أولئك المرهقين بملكاتهم, المثمرين بمخيلاتهم, المنتجين للجمال نباته, والمقيمين للحياة عرائشها..
الإبداع ظلال, ونسمات ترطب أجواء الحياة للعابرين, بنفحاته المعجونة ببهجة الفكرة في مخيلات رؤوس المبدعين, والمكنونة فيما ينتجون..
إنه الجزء الطليق في مفازات الحياة الذي عنه تجمل الرحلة ويمتد الشاطئ..
لتدم لكل المبدعين المبتهجين بإنجازهم السعادة به,
ولكل المتلقين المنعمين بنسائمه دهشة الذائقة !!..