د.ثريا العريض
أحداث كثيرة تفاجئنا دون استعداد ومنها الأمطار، خاصة في نيسان. حين وصلت فاس لأحضر تكريمي في مهرجان الشعر الدولي في دورته الثامنة، وجدت المدينة خضراء باردة ممطرة وقيل لي: «جبت معك الخير. حتى قبل يومين كنا نعاني الجفاف هذا العام وانخفض مستوى السدود بصورة تثير القلق». لم أكن أحضرت ملابس ثقيلة، ولكن دفء الاستقبال وأجواء الاحتفاء بشعري أعانتني على تناسي الطقس.
الحمد لله الخير دائماً مرحب به وبمن يحمله. سميت الدورة باسمي في مفارقة جميلة مع عنوان ديواني «امرأة دون اسم». ولحمل الخير تفاصيل أخرى. وصلنا منتصف شهر نيسان وأمطار الربيع تغسل غبار آذار عن مدننا.
وعن بعد وأنا في الطرف الغربي من وطننا العربي الكبير كنت أتابع أخبار رحلة ولي العهد الممتدة بين الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، وتبهجني تفاصيل الترحيب به، واتفاقيات التعاون التي وقعها مع القيادات السياسية والاقتصادية. ما زال سموه ما شاء الله مثيراً للإعجاب ومبهراً بهمته ونشاطه كما عايشته في رحلته الأولى المماثلة قبل عامين، التي كنت فيها عضواً ضمن الوفد الذي رافقه. وأنتظر الآن مع غيري من المواطنين عودته والوفد المرافق بالكثير من التفاؤل المستحق. ولحمل الخير كما قلت تفاصيل أخرى غير المطر.
عدت من فاس إلى الوطن لأجد المطر ينهمر هنا أيضاً، والاستعدادات قائمة على قدم وساق في المطار لاستقبال الضيوف من وزراء الخارجية العرب، والوفود المرافقة لحضور الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية الـ29. وعلمت أنها ستكون في الظهران مدينتي الحبيبة؛ حيث صناعة الطاقة وثقافة الجدية والمسؤولية واحترام الوقت والالتزام بالنظام والإصرار على جودة الإنجاز. تمنيت لو كنت هناك لاحتفي بالضيوف، فكثير منهم أصدقاء لي. ولكن التنبيهات حول الإجراءات الأمنية وتغيير الطرق وإغلاق الشوارع وصعوبة الحركة لم تشجعني على السفر للشرقية.. خاصة أن منزلي في الظهران على قرب بضع مئات من الأمتار من مركز الملك عبد العزيز الثقافي حيث تعقد الاجتماعات.
المطر كالحب، جميل حين يأتي منعشاً متلطفاً متعقلاً يغسل النفوس وأوراق الشجر. وحين يستبد ويفقد التوازن يبهدل الشوارع وأسقف المباني.
زيارتي الأسبق للظهران كانت بدعوة رسمية لحضور افتتاح نفس هذا المركز المميز التصميم والفكرة. وكان الاستعداد وقتها أن سيفتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز شخصياً. وقبل أن يصل الملك إلى المركز بدقائق حيث كنا كلنا ننتظره، أعلن أنه لن يأتي تحرزاً بنصيحة من قوات الأمن الخاص التزاماً بالإجراءات الأمنية، حيث داهمتنا بروق ورعود وانهمارات عاصفة أمطار شديدة حولت الطرق إلى شلالات وفيضانات.
أدعو الله أن يعود ولي العهد ورفاقه سالماً غانماً يحمل الخير. وأن نيسان المتقلب لن يكرر مفاجآته، والمطر لن يعيد مزايداته خاصة يوم افتتاح القمة التي تصادف يوم قراءتكم للمقال هذا.
وكل شهر وفصل وعام ونحن والوطن العربي الكبير، من أقصى الغرب لأقصى الشرق، بمزيد من الاحتفاء بالاستقرار والأمن والخير والاخضرار.