الجزيرة - سفرالسالم:
قدر مختصون حجم التستر التجاري بالمملكة بنحو 30 % من الناتج المحلي، مؤكدين أن بقاء النقد داخل الاقتصاد المحلي مرهون بسلامة الاستثمارات قانونياً وملكيتها للمواطنين.
وقال الكاتب الاقتصادي أحمد الشهري لـ»الجزيرة»، إن الاقتصاد السعودي يمر بمرحلة تحول واسعة، لذا تمضي السياسات الاقتصادية التي طبقت في أداء مهمة التخلص من العمالة الفائضة بالإضافة إلى تلك التي تؤدي دورا استثماريا بدون ترخيص مباشر، وإنما من خلال ما يعرف بالتستر التجاري أو ما يمكن الإشارة له باقتصاد الظل دون أن يؤدي الموطن أي دور سوى منح المخالف موقفا قانونيا صوريا أمام الجهات الرسمية.
وأوضح أن كثرة حالات التستر التجاري تحول دون تحسن معدلات البطالة وزيادة حجم الاستثمارات الفردية الصغيرة للمواطنين، لأن بقاء النقد داخل الاقتصاد مرهون بسلامة الاستثمارات قانونيا وملكيتها للمواطنين، ونظرا لصعوبة احتساب حجم التستر التجاري من الناحية الاقتصادية عملياً، فإن بعض التقديرات تشير إلى أنه يبلغ حوالي 30 % من الناتج المحلي.
ويرى الشهري أن عبارات «للتقبيل» التي تنتشر في المجمعات التجارية والشوارع تعطي دليلا على أن تلك الأنشطة تقع ضمن حالات التستر، كما توجد نشاطات تجارية بعمالة رخيصة مرشحة أن تغير أو تغلق نشاطاتها، مبيناً أن خروج هذه العمالة غير القادرة على تحمل الرسوم ولاسيما في مجال الخدمات والتجارة، لا تضيف للاقتصاد سوى زيادة فاتورة الواردات.
وطالب الشهري، المستثمرين الأفراد وكذلك الشركات بتعديل النموذج الاستثماري واختيار نشاطات أخرى متوافقة مع التشريعات والسياسات الجديدة، أو عمل تحالفات واندماجات تجارية بهدف زيادة رأس مال النشاط، مشدداً على أن الفرص الاستثمارية الجديدة ستكون أكثر ربحية للمواطن عندما يؤسس نشاطه التجاري ويعمل فيه بنفسه لأن خروج العمالة وإغلاق بعض الأنشطة سيؤدي إلى زيادة الإيرادات المتوقعة للأنشطة التي يعمل فيها سعوديون.
بدوره، أوضح الاقتصادي نواف آل الشيخ، أنه خلال الأيام الماضية لمسنا توسعاً في إغلاق بعض المحلات التجارية التي كانت تدار من قبل عمالة وافدة تعمل بطرق غير نظامية، أو عمالة هاربة من مكفوليها، أو سائبة أو عمالة تعمل لدى منشأة باسم آخر غير مطابق للتأشيرة التي قدم فيها إلى المملكة، ولا شك أن هذا التصحيح أمر إيجابي كونه سيحد من المخالفات الصريحة ومن ضمنها الاشتراطات الصحية، وجودة البضائع، وتقليص حجم العمالة السائبة أو التي تعمل بطرق غير نظامية.
ويشير آل الشيخ إلى أنه قد يكون لفرض الرسوم على العمالة الوافدة الذين يعولونهم تأثيرا مباشرا على إغلاق بعض المحلات، كونها ستتيح المجال وتمهد الطريق أمام الشباب السعودي، ولكن أيضا هذا دليل غير مباشر على أن بعض المحلات قد أقفلت أبوابها حين تم تضييق الخناق عليها، من خلال ممارسة التستر التجاري. وأضاف: من الملاحظ الآن أننا نعيش فترة التصحيح الضرورية والمنتظرة من وجهة نظري، حيث إنها ستعالج العديد من المشاكل المجتمعية والاقتصادية، وستخلق العديد من الوظائف، وستعمل على تهيئة بيئة اقتصادية آمنة.
من جانبه، أكد الاقتصادي إبراهيم باحاذق أن وجود عمالة وافدة تمارس أعمالاً غير مشروعة، أضر بالاقتصاد عبر صور شتى منها، الإسهام في ضعف جاذبية بعض القطاعات للكوادر الوطنية، إضافة إلى عدم قدرة تلك القطاعات على تقديم إسهامات حقيقية في الاقتصاد الكلي.
وأفاد بأن القوانين الداعمة للتوطين بالقطاع الخاص أسهم في تقويض ظاهرة التستر التجاري، مستدركاً بقوله: الوقت مبكر جداً لتأكيد مدى النجاح المتحقق في هذا الشأن على المدى المتوسط.
وأشار إلى العديد من العوامل التي يمكن أن تساعد في إعادة مسار القطاع الخاص إلى الطريق السليم، وإعادة هيكلة سوق العمل بصورة ملائمة وغير مشوهة، ومنها تحفيز بيئات العمل لاستقطاب الكوادر السعودية، وهذا يتطلب كثير من الأمور منها تحديد ساعات العمل، منوها في الوقت ذاته أن التحول إلى بيئات عمل جديدة قد يتطلب وقتاً ليس بالقصير.