محمد سليمان العنقري
أنهى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز جولةً شملت ثلاث دول تمثّل مع بريطانيا التي كان قد زارها من قبل أكثر من 30 % من الناتج الإجمالي العالمي والدول الثلاث هي أميركا وفرنسا وإسبانيا وتم خلال هذه الزيارات توقيع اتفاقيات بعشرات المليارات من الدولارات بين الشركات السعودية ونظيراتها من تلك الدول بالإضافة إلى اتفاقيات شراكة وتعاون بين حكومة المملكة وحكومات تلك الدول في العديد من النشاطات التعليمية والصحية وغيرها.
إن أهمية تلك الشراكات تتركز بشكل أساسي في أنها تهدف لاختزال المراحل نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 م فالدول المتقدّمة التي زارها ولي العهد وتم تعزيز علاقات الشراكة معها تمتلك التقنية والمعرفة وباتت هي المحرك الرئيس لاقتصادياتها ورأس المال الحقيقي لها وكذلك سر تفوقها وبما أن المملكة تتجه نحو اقتصاد منتج يعتمد على التقنية في تشغيله وتنافسيته، مستقبلاً فإن المصلحة تتطابقت في أن تلك الدول أصبحت تصدر المعرفة ونحن بحاجة كبيرة لها للانتقال لعصر اقتصادي جديد يقوم على تنافسية ترتكز على التقنية والابتكار وعلى رأس مال بشري وطني مدرب ومؤهل للتعامل مع تكنولوجيا ترفع من كفاءة الاقتصاد الوطني وتزيد من طاقته الاستيعابية وتخفض الواردات مع زيادة بالصادرات غير النفطية ويتم أيضاً تقليص الاعتماد على الأيدي العاملة الوافدة الكثيفة المتدنية المؤهلات والدخل لتحل الألة مكانها ليكون بداية للدخول بعصر الذكاء الاصطناعي الذي يعد حصاننا الأسود نحو اقتصاد مستدام تنافسي ومنتج يصنع فرص عمل بدخل مرتفع ومتطلبات تأهيل عالية المستوى.
ففي هذه الجولة وقّعت اتفاقيات مهمة جداً من بينها بناء محطات طاقة شمسية وهي الصناعة التي ينتظر أن تمثّل عاملاً داعماً لرفد الاقتصاد بالموارد وكذلك تقليص اعتمادنا على توليد الطاقة من النفط والغاز التي ينمو الطلب عليها محلياً بما يقارب 8 %، كما أن فتح الباب لشراكات إستراتيجية مع شركات عملاقة مثل آبل ولوكهيد مارتن وآمازون وجوجل بمجالات عديدة من بينها تدريب شباب سعودي مؤهلين بشهادات هندسية يعد بذرة مهمة ستثمر مستقبلاً بنقل فكر تلك الشركات في البحث العلمي والإدارة وغيرها من الفوائد التي ستخدم التحول الكبير في اقتصاد المملكة إلى ما هو مستهدف في رؤية 2030م.
فالأهداف الطموحة للمملكة تتطلب قيام شراكات نوعية مع الشركات العملاقة عالمياً بمختلف المجالات وذلك من خلال اتفاقيات الشراكة مع حكومات الدول التي تنتمي لها تلك الشركات وهو ما حدث فعلياً في هذه الزيارات التي رسخت لعلاقات إستراتيجية أكثر تطوراً وتداخلاً مع مجتمعاتهم التي تمثّل فيها الشركات جزءاً كبيراً مؤثّراً في مجتمعاتها كون اقتصادات الدول الكبرى حرة والقطاع الخاص هو المؤثّر الأكبر بناتجها المحلي ويوظّف غالبية القوى العاملة فيها بينما الحكومات تقوم بالإشراف والرقابة وهو النموذج الذي تتجه له أهداف الرؤية الإستراتيجية للمملكة
الشراكات مع هذه الدول وقطاعها الخاص تحديداً يمثّل عاملاً مهماً واحداً الركائز التي يعول عليها لتنفيذ التحول الوطني والوصول لأهداف رؤية 2030 م ومع توقيع الاتفاقيات مع حكومات وشركات القطاع الخاص بتلك الدول فإن دوران عجلة التنمية يتسارع وتبقى ترجمة كل تلك المقومات الإيجابية المستجدة على عاتق الأجهزة الرسمية المعنية بتنفيذ برامج التحول الوطني وكذلك قراءة قطاعنا الخاص لهذه التحولات ومعنى ومقاصد ومنافع تلك الشراكات مع أكبر الاقتصاديات الدولية لكي يستفيد منها ويكون صاحب نصيب الأسد في الناتج الإجمالي للاقتصاد الوطني .