حمّاد السالمي
* يتفق المراقبون اليوم؛ على أن النشاط الدبلوماسي والاقتصادي والإعلامي والثقافي الذي نهض به سمو ولي العهد في الولايات المتحدة وأوروبا في الأسابيع الثلاثة الفارطة؛ هو نشاط غير مسبوق في التاريخ، وربما لن يتكرر في المستقبل في فترة وجيزة كهذه.
* كانت وسائل الإعلام الأمريكية والغربية بكافة قنواتها وتوجهاتها؛ تلهث وراء ظاهرة اسمها (MBS) العربية.. (محمد بن سلمان).. كما راق لكثير منها هذا الاختصار الذي يتفق وسرعة التطورات التي صاحبت ظهور الأمير الشاب محمد بن سلمان على المستويين الداخلي والخارجي.
* المدهش في هذه الرحلة الأميرية اللافتة لسمو ولي العهد؛ ليس فقط لقاء الرجل الثاني في المملكة بالقادة الكبار، وبعمالقة الصناعة والأعمال في العالم، وتوقيع عدة اتفاقات مهمة لتوطين التقنية والصناعات العسكرية والسينمائية، وإنتاج الطاقة الشمسية، وتنويع الاقتصاد السعودي بعيدًا عن النفط وخلاف ذلك؛ ولكن الأحاديث الصحافية واللقاءات الإعلامية التي ظهر بها في عدد من القنوات الفضائية والصحف، التي هي بمجملها تقود صحافة وإعلام العالم كله، بل لها الريادة في صناعة الإعلام القديم والحديث على المستوى العالمي. هذا النشاط الإعلامي المميز؛ شكل آلة إعلامية جديدة علينا نحن، وجديدة حتى على الأوساط الإعلامية الغربية.
* إن وسائل الإعلام تؤثر في رسم سياسات الدول الكبرى، وعلى رأسها أكبر قوة اقتصادية وعسكرية موجودة حالياً على المسرح الدولي، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وتحقق لها أهدافها الاستراتيجية المسيطرة. بل إن كثيرًا من الدراسات؛ تشير إلى هيمنة الإعلام الأمريكي عالميًا بإمكاناته الهائلة. إن هيمنة الإعلام القوي؛ تكمن في سيطرته على الرأي العام في الكثير من دول العالم، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، فالمواطن في أمريكا وأوروبا وفي كثير من دول العالم المتطور؛ يشاهد العالم، ويتابع القضايا السياسية والثقافية والإعلامية؛ عبر التلفزة والإذاعة والمسرح والسينما، وعبر الإعلام الحديث، ويكوِّن تصوره الذي يراه عن المواقف والقضايا؛ من خلال ما تطرحه تلك الوسائل والوسائط من مواد إعلامية منوعة لحوادث ومجريات عالمية، فيستسلم ويخضع للمعلومات التي تبثها تلك المصادر، ويبني مواقفه انطلاقًا من قناعات يكوِّنها الإعلام في ذهنيته.
* إن ظهور الأمير محمد بن سلمان وحديثه عبر وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية؛ لم يأت من حب للظهور والكلام، وإنما من معرفة وإدراك؛ أن الولايات المتحدة الأمريكية وحدها؛ تمسك بزمام الإعلام العالمي كله، من خلال مؤسسات إعلامية ضخمة، لها نظائر وأشباه في فرنسا وبريطانيا، والظهور من خلالها لمواطني تلك الدول والعالم أجمع، يحقق أهداف المملكة في تقديم نفسها للعالم، ويخدم مصالحها السياسية إقليميًا وعالميًا، ويشرح مشروعها التحولي (2020)، والتنموي (2030).
* تابعتُ محطات زيارة الأمير (محمد بن سلمان) لأمريكا وأوروبا على مدى ثلاثة أسابيع، فسررت أيما سرور للنتائج المحققة، التي منها عقد الشراكات الكبرى.. سياسية واقتصادية وتجارية وثقافية، مع كبريات الشركات والخبرات الدولية، وسررت أكثر وأكثر؛ للدور الإعلامي العظيم الذي أداه سمو ولي العهد في الأوساط الأمريكية والأوروبية. إن مجمل أحاديث وتصريحات سمو ولي العهد؛ كانت تهتم برسم الصورة التي بدأت تتبلور عن السعودية الجديدة، التي راحت تؤسس لعهد جديد مختلف، يحارب الفساد، ويحاسب المسؤولين، ويعزز الحريات الشخصية، ويحقق الانفتاح الاجتماعي، ويمكن المرأة من حقوقها، ويحرر الاقتصاد من قيود النفط، ويوقف استغلال الدين والاتجار به، وينتصر لحق الشعوب العربية في المنطقة، تلك التي وصلتها آلة التدمير من إيران والإخوان المسلمين والجماعات المتطرفة.
* جاء الأمير (محمد بن سلمان) إلى أمريكا وأوروبا من منطقة شائكة، تحف ببلاده ألغام من كل الجهات. إيران العدوانية، وقطر المتآمرة، واليمن والعراق وسورية وليبيا المشتعلة, جاء يبحث عن شراكات ندية لبناء دولة حديثة تتسلح بالعلم والمعرفة، وتسعى إلى أن تلبس وتأكل وتشرب وتركب مما تصنع. كان كل لقاء جرى ونشر لسموه مع وسيلة إعلامية أمريكية وأوروبية؛ ينقل بلادنا إلى عمق العالم المتحضر، الذي يبحث عن الحقائق المجردة عادة، وكان سموه في كل لقاء من هذه؛ عبارة عن وزارة إعلام كاملة، وليس فقط رجل ثانٍ في الدولة؛ يشرح سياساتها، ويبين وجهات نظرها في قضايا محلية وإقليمية ودولية.
* كنا في أمس الحاجة منذ عقود مضت؛ إلى هذه الآلة الإعلامية السعودية المدهشة، التي برزت في شخص (MBS).. (محمد بن سلمان).. لكي يصل صوتنا إلى المجتمعات المتحضرة في أقاصي قارات العالم. هذا إذن (محمد بن سلمان).. رجل ذو همة، يوقظ أمة.