إبراهيم بن سعد الماجد
زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز للولايات المتحدة الأمريكية وضعت العلاقات الثنائية بين المملكة وأمريكا في مسار تصاعدي تاريخي غير مسبوق في تاريخ علاقات البلدين التي تمتد لأكثر من ثمانية عقود، فهي فتحت آفاقاً متعددة في مختلف مجالات الشراكة والتحالف بينهما، وأكدت بما لا يدع مجالا للشك أن تلك العلاقات أحد أهم العلاقات الثنائية بين دولتين في العصر الحديث، إذ إنها استمرت طوال تلك العقود بقوة دفع وزخم من فكر قيادة البلدين وحرصهما على تطويرها وتنميتها وتبادل المصالح على أسس من الاحترام المتبادل.
وضع سمو الأمير محمد بن سلمان تلك العلاقة من خلال هذه الزيارة التاريخية على أعتاب تطور شامل يواكب طموحاتنا في تنمية بلادنا وفقا لمتطلبات ومحاور رؤية السعودية2030 وبرنامج التحول الوطني 2020، وما تم توقيعه من اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع عدد من الشركات والمؤسسات الكبرى في أمريكا كفيل بأن ينتقل بالعملية التنموية أشواطا بعيدة في الحداثة والنهضة والتطور، إذ إن سموه ركز في جميع مباحثاته على نقل التقنية وتوطينها والاستفادة القصوى من التجربة التقنية الأمريكية، وتأهيل أبناء الوطن للتعامل معها وتطويرها.
ما تم إنجازه في هذه الزيارة قياسي بكل المعايير، وفتح أبواب المستقبل على مصراعيه لندخل مرحلة جديدة من ازدهار والعمل والإنتاج ورفع القدرات، فتوطين التقنية في هذا العصر ينعكس على كل القطاعات الاقتصادية، بداية من التعليم الذي هو أسس النمو والتقدم، فيتوفر الحافز بوجود بيئات علمية متعددة تثري الفضاء العلمي والتعليمي في بلادنا، ومن ثم ترتفع قدرات المخرجات وتتلاقح مع غيرها في دولة متقدمة مثل أمريكا، فيكون الحصاد تبعا لذلك مزيدا من التوطين والتنافسية العلمية التي تضيف لجميع الجوانب التي يمكن أن ينبغ ويبرع فيها أبناء بلادنا الغالية.
فتح سمو الأمير محمد بن سلمان أبواب المستقبل مع أضخم الشركات العالمية في المجالات المختلفة بما تتسع له طروحات وبرامج الرؤية والتحول، فالهدف شامل ولا يستثني قطاعا أو مجالا، وذلك يعني تماثلا قريبا مع تلك الشركات وتوظيف قدراتها التقنية لصالح نهضة وتنمية بلادنا، وتحقيق أكبر قدر من الكفاية التقنية التي يعتمد عليها العصر الحديث، فنحن بذلك أمام خيارات متنوعة لم تعد تعتمد فعليا على النفط، بل امتد الأمر للطاقة المتجددة والبديلة التي نملك منها الكثير الذي يمكن أن يحل محل النفط في المستقبل، فكان توقيع اتفاقية الطاقة الشمسية إنجازا بحجم ذلك المستقبل بتأسيس أكبر منظومة لإنتاج الطاقة البديلة على مستوى العالم.
رسائل واضحة وصريحة في مقابلته مع المجلة الأمريكية
وقد لاقت مقابلة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع لمجلة ( ذا اتلانتيك) الأميركية ردود فعل واسعة لدى الأوساط السياسية والإعلامية على المستوى الدولي، فبطرح أكثر ذكاء وجرأة وبعبارات أشد وضوحا أرسل ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز في حواره مع المجلة الأمريكية رسائل عدة في الاعتدال والمجتمع، وكذلك رسائل إقليمية.
حيث أكد ولي العهد أن فكر المملكة معتدل وحاضن لكافة المدارس الفقهية، وليس هناك ما يسمى بالوهابية ولكن لدينا مسلمون سُنة وشيعة.
وفي إجابات واضحة صريحة حول الهوية السعودية قال الأمير محمد بن سلمان: السعوديون لا يريدون أن يفقدوا هويتهم، صحيح أننا نريد أن نكون جزءاً من الثقافة العالمية. ولكننا نريد دمج ثقافتنا مع الهوية العالمية (بما لا يؤثر فيها) نحن لا نشارككم نفس القيم. ولكنني أعتقد أيضًا أن مختلف الولايات في الولايات المتحدة لا تتشارك نفس القيم تماماً. إذن، كيف تريد منا مشاركة قيمكم بنسبة100%.
وحول حقوق المرأة أضاف سموه: أنا أدعم المملكة العربية السعودية، ونِصف المملكة من النساء. لذا أنا أدعم النساء وفي ديننا لا يوجد فرق بين الرجال والنساء. هناك واجبات على الرجال وهناك واجبات على النساء. لكن هناك أشكال مختلفة من فهمنا للمساواة في السعودية.
موضحا أن الإسلام لا يفرق بين المرأة والرجل وكل منهما عليه واجباته، ولم نفرق بين رواتب المرأة والرجل..ومؤكدا على أن حرية التعبير متواجدة بشكل يناسب مجتمعنا وهناك ثلاثة خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها:
1 - تشويه الإسلام
2 - الانتقاد الشخصي
3 - الأمن القومي
كما تحدث ولي العهد عن مثلث الشر (إيران، الإخوان المسلمون، الجماعات الإرهابية)، وقال «يسعون للترويج لفكرة أن واجبنا كمسلمين هو إعادة تأسيس مفهومهم الخاص للخلافة، ويدّعون أن واجب المسلمين هو بناء إمبراطورية بالقوة وفقًا لفهمهم وأطماعهم.
وتابع: «السعودية ومصر والأردن والبحرين وعمان والكويت والإمارات واليمن - كل هذه البلدان تدافع عن فكرة أن الدول المستقلة يجب أن تركز على مصالحها وبناء علاقات جيدة على أساس مبادئ الأمم المتحدة، ومثلث الشر لا يريد القيام بذلك».
وتضمن حوار ولي العهد رسائل إقليمية على النحو التالي:
في الشأن اليمني: التحالف العربي يقوم بدور كبير لتحقيق الاستقرار ومساعدة الشعب اليمني.
إيران: المرشد الأعلى يحاول أن يحتل العالم.
فلسطين: يجب أن يكون لدينا اتفاق سلام عادل ومنصف لضمان الاستقرار للجميع.
قطر: نأمل أن يتعلموا بسرعة، فتلك المسألة تعتمد عليهم.
لا علاقة مع إسرائيل قبل حل قضية السلام مع الفلسطينيين:
وعن القضية الفلسطينية قال: أعتقد عمومًا أن كل شعب، في أي مكان، له الحق في العيش في بلده المسالم. أعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين لهم الحق في امتلاك أرضهم الخاصة. لكن يجب أن يكون لدينا اتفاق سلام عادل ومُنصف لضمان الاستقرار للجميع ولإقامة علاقات طبيعية بين الشعوب ولدينا مخاوف دينية حول مصير المسجد الأقصى في القدس وحول حقوق الشعب الفلسطيني. هذا ما لدينا وبلدنا ليس لديه مشكلة مع اليهود.
نبينا محمد تزوج امرأة يهودية. لم يملك صديقاً من اليهود فحسب - بل تزوج من اليهود. وجيرانه كانوا يهودا.