خالد بن حمد المالك
أهم ما يميز ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الصراحة والوضوح والحزم في آرائه ومواقفه، وإعطاء إشارات على المواقف السعودية غير القابلة للتأويل، فهو في موقفه من إيران وسوريا واليمن والإرهاب والتطرف يتكلم بلغة واحدة، ويظهر بوجه واحد، يتمسك بآرائه، ويصر على مواقفه، ولا تتبدل سياساته وفقاً لمستجدات لا تخدم بلاده، رأيناه هكذا في بريطانيا ثم في أمريكا، وبعد ذلك في فرنسا، فالمبادئ لديه لا تتغير، ولا تباع، ولا يتساهل فيها.
* *
مع الرئيس الفرنسي في المؤتمر الصحفي المشترك في قصر الإليزيه تحدث عن كل شيء، ونقلت ما قاله كل وسائل الإعلام، وتجاوب معه الرئيس الفرنسي بكلمات ظهر فيها التوافق الفرنسي- السعودي في كل ما تم بحثه في الاجتماعين اللذين عقدا بينهما، والاجتماعات الأخرى مع رئيس الحكومة ووزيري الخارجية والدفاع وغيرهم، فقد قال الرئيس إيمانويل ماكرون إنه سعيد بلقاء ولي العهد، مؤكداً على الإرادة المشتركة لفرنسا والمملكة من أجل بناء شراكة طويلة المدى، وأن الوزراء في الجانبين يعملان على تحديدها.
* *
قال الرئيس الفرنسي إن الشراكة الجديدة بين البلدين كان يفترض إطلاقها متزامنة مع الزيارة الأميرية، لكنه سيتم الاستمرار في العمل على تحضيرها لتكون جاهزة قبل نهاية هذا العام. أضاف الرئيس في توضيح منه على الركائز التي تقوم عليها هذه الشراكة بأنها سوف تقوم بالاعتماد على أربعة محاور، أهمها الحرب على الإرهاب، مع العمل على تعزيز الاستقرار في دول بالمنطقة حددها بسوريا والعراق ولبنان، واصفاً إياها بأنها دول أساسية في المنطقة، وهذه الشراكة الجديدة ستكون من ضمن محاورها دخول فرنسا إلى السوق السعودية ضمن تعاون استثماري كبير أعلن عن بعضه كالاتفاق مع فرنسا على تطوير منطقة العلا وإحياء قيمتها التاريخية وحماية المحافظة.
* *
الرئيس الفرنسي دافع في المؤتمر الصحفي المشترك مع الأمير عن مبيعات الأسلحة للمملكة، مؤكداً بأن الحكومة الفرنسية تحترم المعايير الدولية، وأنها تقرر المبيعات كل حالة على حدة، وأن باريس تعمل مع الرياض على ترسيخ الأمن في البحر الأحمر، ودعم الحرب على الإرهاب، وأنه يؤيد ما قاله الأمير محمد بشأن إيران، وأن علينا أن نستكمل الاتفاق النووي مع إيران ليشمل حظر الصواريخ، وفي كل الأحوال فإن فرنسا -يقول الرئيس- لن تسمح بأي تهديد للمملكة، ونتبادل المعلومات لمواجهة خطر الصواريخ الحوثية، وفرنسا تشارك المملكة في ضرورة التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة.
* *
الرئيس ماكرون أشاد في نهاية المؤتمر بالأمير محمد بن سلمان القائد الشاب - حسب تعبيره - مشيراً إلى قناعته العميقة وأمله في أن ينجح بمشروعه الإصلاحي والتحديثي، ومؤكداً وقوف فرنسا إلى جانبه، وقد ظهرت علامات التقارب في كون الرئيس والأمير في مقتبل عمر الشباب، وأنهما صاحبا رؤية جديدة تتصالح مع إصلاح الوضع الراهن، وتنسجم مع متطلباته، في التفكير بعمق، والعمل بإصرار، والنظرة إلى الأفق بالعين الفاحصة والأمل الكبير.
* *
يمكنني القول، إن الأمير الشاب محمد وهو يزور فرنسا بعد أن أصبح ولياً للعهد، وإثر تولي الرئيس الشاب ماكرون قيادة فرنسا، فقد سجل سموه حضوراً كبيراً في باريس تميز بالتفاهم العميق، والوصول مع فرنسا إلى شراكة حقيقية وجديدة وغير مسبوقة، وتشمل كل المجالات من السياسة إلى الأمن فالاقتصاد والاستثمار، مروراً بالتعليم والثقافة والإعلام والصحة، فالتاريخ يجمعنا مع فرنسا، لكن في هذه الزيارة هناك إضافات وقيمة مضافة، ونجاحات تزيد في عمق هذه العلاقات بما يخدم بلدينا.