فهد بن جليد
في علم التسويق هناك قاعدة تقول Customer Retention استبقاء العملاء أو الاحتفاظ بهم، والمقصود أنَّ حفاظك على عملائك الحاليين وتعزيز قيمتهم وثقتهم، لا يقل أهمية وفائدة عن جذب عملاء جُدد، فالاستثمار في العملاء الحاليين أولى لأنَّه يُعطي هامش ربح وولاء أكثر من البحث عن عملاء آخرين، فلو أنَّ التجار ورجال الأعمال صرفوا جزءاً من أموال الإعلانات التي ينفقونها في سبيل إرضاء العملاء الحاليين وتطوير علاقتهم بالمُنتج والمُنشأة, لكان ذلك أكثر نفعاً وفائدة من محاولاتهم الإنفاق الدوري لجذب عملاء جُدد.
في كل مرة يسألني فيها أحدهم عن إمكانية ترشيح شخص مُمَّيز للقيام بعمل ما، من أجل استقطابه للانضمام لمُنشأته والعمل فيها، أُعيده للقاعدة السابقة وأسأله هل حاولت أولاً الاستفادة من ولاء عملائك الحاليين قبل البحث عن عملاء جُدد؟
مثل هذه القاعدة التي ترتبط بالمال والربح والخسارة، يمكن أن تكون مُلهمة لكل مُدير يحاول تطوير نظام العمل لديه، فاستقطاب كفاءات جديدة، وطاقات مُختلفة، أمر له أهميته بلا شك، ولكن هذا يجب ألا يكون على حساب خسارة الطاقات الحالية والموظفين الذين يُميزهم الولاء وهو ما يختصر أكثر من نصف المسافة، متى ما رافق ذلك زيادة في المعرفة وتطوير للمهارات وردم للهوة في حال وجودها، فالمدير الخبير المُتدرِّج من داخل المُنظمة أكثر نفعاً وفائدة من المدير القادم من خارج بيئة العمل، شريطة أن يتوافق ذلك مع أهداف التطوير المرّجوة للمُنظمة، وأن تكون البيئة صالحة للتطوير، وهذه مسؤولية الإدارة العُليا في المقام الأول لرفع كفاءة الأشخاص وقدراتهم في خط متواز مع إنتاجيتهم، فالقدرة الاستثنائية قد تكون كامنة في الداخل ولا تحتاج لعناء وتكاليف لجلبها من الخارج.
تأهيل قيادات الصف الثاني والثالث في كل منشأة ببناء قدراتهم وتعزيز مهاراتهم الوظيفية، ليكونوا جاهزين وقادرين على تولي وتحمّل المسؤوليات والاضطلاع بها لتطوير العمل، هو استثمار إستراتيجي حقيقي في المُستقبل تقوم به المنشآت الذكية فقط، ويجهله أرباب العمل التقليدين ممن يخسرون أكثر في كل مرة يريدون فيها التطوير والتجديد ولا يُصيبونه، تماماً كما يفعل ويخاطب المُسوِّق الناجح أبناء وأطفال عملائه الحاليين، لأنّهم من سيأتون للشراء من متجره غداً.
وعلى دروب الخير نلتقي.