د. جاسر الحربش
من لا يعرف الحكيم يتعجب من صمته ثم يعجب بحديثه، وذلكم هو أبو أوس إبراهيم بن سليمان الشمسان، الأستاذ في علوم اللغة العربية وآدابها. يزداد عجبك في مجلس به أبو أوس من طول صمته، فإذا تحدث تمنيت أن يطيل ولا يسكت، لتأنيه في اختيار المعنى والدلالة وأناقته في وضع الكلمة في المكان الذي تستحقه.
لذلك لا تملك إلا أن تعتب على رجل يكتفي بصمت المنصت والتجاوز عن الكثير من خطل القول وضياع الفكرة، ثم إذا وجه إليه السؤال شرح وأوضح وصحح، بحيث يسأل كل مستمع نفسه لماذا إذًا يصمت هذا الرجل ويترك الآخرين يثرثرون.
تربطني بالأستاذ إبراهيم الشمسان وشيجتان، الأولى حب اللغة العربية، بالنسبة لي كهواية طبيب متطفل عليها، وبالنسبة له كأستاذ متخصص، والثانية وشيجة مصاهرة، فابنه الدكتور أوس عميد كلية الصيدلة في جامعة الملك سعود والرئيس السابق لمعهد تقنية النانو، هو زوج ابنتي القريب من قلبي وعقلي، وبهذا يكون الأستاذ إبراهيم الشمسان جد أسباطي الأربعة ميس وإبراهيم وخالد وسارة، اللهم زد وبارك.
تصبح رابطة المصاهرة من أقوى الروابط إذا أكرم الله أهل الزوج بصهر كريم مثل الدكتور أوس، وأما رابطة اللغة فمنبعها الإشفاق المشترك بيننا على اللغة العربية من التواري عن الفعل العلمي والعملي، إضافة إلى الهيام بجمالها في كل صنوف التعبير. أقرأ للأستاذ إبراهيم الشمسان من حين إلى حين بعض ما يكتبه من تصويب وتعليق وشروح في الجزيرة الثقافية، فأفهم وأستمتع بما يتيسر، وينغلق دوني ما يتعسر، والبركة في القليل مثل حبة البركة والعسل للاستشفاء بقليلها من العلل ولتقوية المناعة. وبعد فقد تجمع لي انطباع عن طباع أبي أوس وصرت أعتبره مثل السيل الموسمي، تستمتع بكلامه الأسماع وتستفيد منه العقول إذا تحدث، ولكنه يحتاج أحيانًا من يستحثه مثلما يحتاج المطر إلى الاستسقاء إذا انقطع. وصلتني دعوة متأخرة نسبيًا للمشاركة في التعبير عن التقدير المستحق للأستاذ والصديق إبراهيم الشمسان فشعرت بسعادة كبيرة للتشريف وبهيبة أكبر للتكليف، فكيف لطبيب متخصص باللحم والشحم والدم أن يقحم نفسه مع أساتذة علوم النحو والصرف والبلاغة ومناهج الكلام، ولكن الاعتزاز بمقام المستهدف بالتكريم تغلب على التهيب والإحجام. ليهنك التقدير المستحق يا أبا أوس، فأنت علم من أعلام اللغة العربية وسادن مخلص على بابها وأهل لكل تقدير وتكريم حفظك الله وأمد في عمرك وتوفيقك.