عرفتُ الأستاذ الدكتور إبراهيم الشمسان أبا أوس من خلال مقالاته التي كان يكتبها في صحيفة اليوم، وكنت معجبًا بأسلوبه وقضاياه ومنهجه الأدبي الذي يتشح باللغة.
كنتُ أسأل بعض أصدقائي عن هذه الشخصية النحويَّة اللغوية الأدبية من أين؟ وفي أي جامعة يُدَّرس؟ لكني للأسف لم أهتدِ إلى جواب.
وفي أحد الأيام اتصلت بالدكتور عبدالعزيز التويجري -رحمه الله- أسأله عن كتاب من كتب اللغة، ثم جرنا الحديث إلى أن أسأله هل تعرف الدكتور إبراهيم الشمسان؟ فأجابني بنعم أعرفه، ثم قال: هو أستاذ جليل القدر عظيم العلم والمعرفة، في القسم معنا، وفي الجامعة أي جامعة الملك سعود، ومنذ تلك اللحظة والشوق يحدوني لمعرفته عن قرب، حتى - شاء الله- أن أقبل طالبًا للدكتوراه في جامعة الملك سعود، وكانت أول مادة أدرسها هي (قضايا نحوية1) وأستاذها هو الدكتور إبراهيم الشمسان، وفي أول محاضرة وأول لقاء بهرني حسن حديثه، وسلبني أسلوبه، وتسمرتُ أمام علمه.
كان عالمًا لغويًّا فذًّا، حاذقًا، متمكنًا، يعرف مداخل اللغة ويجيد التفنن فيها، ومما لفتَ انتباهي اقتداره العلمي على مقارعة العالم اللغوي المعروف بابن جني، وتعليلاته اللغوية، فقد قدَّمَ الدكتور إبراهيم كتابًا من أهم الكتب اللغوية الصرفية المعاصرة وأبرزها، وهو كتابه (الإبدال إلى الهمزة وأحرف العلة في ضوء كتاب سر صناعة الإعراب لابن جني)، بل لقد خالف منهجَ ابن جني في كثير من التعليلات التصريفية التي اعتمد عليها ابن جني، ورأى أنَّه قد أخطأ فيها، وهذا لاشك يدعونا إلى الالتفات إلى قراءة ما كتبه الأوائل وبيان صحة التعليلات الصرفية خاصة من خطئها.
والإبدال من أصعب الموضوعات الصرفية؛ بل أعجزها؛ لأنَّ العالم الذي يعلل لظاهرة الإبدال لابدَّ أنْ يكون ملمًا بلغة العرب، عارفًا بأسباب الإبدال وأنواعه ودواعيه، مستشهدًا بأمثلة متجانسة، وهذا ما تميز به الدكتور إبراهيم الشمسان.
وممَّا تميز به الدكتور إبراهيم معرفته بأسماء الناس في المملكة العربية السعودية وأسباب التسمية، وقد ألفَ كتابًا مميزًا يحمل العنوان نفسه (أسماء الناس في المملكة العربية السعودية) وهو من مطبوعات مكتبة الرشد، والكتاب يبحث في موضوعات من أبرزها: دراسة الاسم (العلم) لغويًّا في ثباته وتحوله وما تتفرع عنها من علوم جزئية تعنى بالاسم العلم أدبيًا ولسانيًا، وهل الأسماء تتفاضل فيما بينها أم لا؟ وهي ظاهرة لغوية تستحق البحث والدراسة، وقد أجاد الدكتور إبراهيم في هذا الكتاب أيما إجادة.
لقد أثرى الأستاذ الدكتور إبراهيم الشمسان المكتبة اللغوية والنحوية والصرفية بعددٍ من المصنفات والمؤلفات والأبحاث والدراسات والمقالات، وأرجو أن يقوم أحد المراكز العلمية اللغوية أوالبحثية أو المجامع اللغوية أو إحدى الهيئات بجمع ما كتبه أستاذنا الكبير الدكتور إبراهيم في مجلدات وتوزيعها على الجامعات وكليات اللغة العربية وأقسامها وعلى المعنيين بالدرس اللغوي التراثي أوالحديث، وتوصية بعض الباحثين بدراسة ما كتبه وقدَّمه الدكتور إبراهيم للمكتبة العربية.
** **
- د.خالد الجريّان