د. فوزية بنت محمد أباالخيل
بعد سنوات من التدريس الجامعي توليت وظيفة إدارية قيادية, وفي بداية عملي، لم أنس طبع المعلمة في كل مرة تدخل على فصل دراسي جديد، حيث تسعى لمعرفة طالباتها واحدة واحدة، وتستشف قدرات وسلوكيات كل واحدة منهن لتأسيس قاعدة التواصل من أجل تحسين قناة التبادل المعرفي بين الطالبة وأستاذتها، ومن المعلوم أن المعلمة المتميزة لا تتذمر من مستوى التحصيل لدى طالباتها إن كان دون المتوقّع، بقدر ما تجعل من ذلك نقطة بداية لبذل جهدها في تحسين الاكتساب لدى الطالبات، هكذا كنت أنظر للموظفين الذين توليت قيادتهم في أول عمل قيادي لي، فوجدت حماس للتعلّم ورغبة في الإنجاز وتحسس وطموح لتلافي جوانب القصور الذاتي في المهارات والمعارف، وخلال وقت قصير تغيَّرت الحال فسعدت بعد ذلك سنوات بالعمل مع ذلك الفريق، ثم حدث مثل ذلك عندما توليت وكالة جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن فأحاط بي فريق عمل يتسابق معظم أفراده في إنجاز مهامهم على أكمل وجه لتحسين وتطوير بيئة العمل.
اليوم وأنا عضو في مجلس الشورى بين (150) عضواً يساندنا في أعمالنا حشد مؤهل من الموظفين في المجلس كل منهم يبذل ما يختزن من دراية وخبرة وجودة في الأداء، وبين أعضاء المجلس من (هو أو هي) أطول باع مني في العمل الإداري والقدرة على إدارة الموظفين والقدرة على الاستفادة من الخدمات يمكن بذلها من باقي الموظفين في الإدارات المختلفة. ولكن بحكم كون العلاقة بين عضو المجلس وكثير من موظفي المجلس ليست علاقة عمل مباشرة، فقد يتعذَّر على الأعضاء التوجيه والتعامل المباشر كما لو كانت العلاقة بين رئيس ومرؤوس وبالتالي يتعذَّر عليهم قياس كفاءة وفاعلية الموظف، وكثير ما يتردد بين بعض الأعضاء أحاديث تعبّر عن تساؤلات حول مدى كفاءة موظف معين أو فريق عمل في المجلس، وقد يعبّر بعض الأعضاء عن قصور لدى أحد الموظفين، ومدى تأثير ذلك على عمل عضو المجلس.
منذ أن ولجت المجلس عمدت للتعرّف على بيئة العمل والموظفين وتقدير التحديات والفرص التي تحيط بمنظومة العمل فيه، فوجدت أن المجلس بيئة عمل ثرية بكثير من القدرات الإدارية، حيث تضم العديد من الموظفين المؤهلين تأهيلاً مهنياً ومعرفياً في جوانب متعددة كأساليب البحث والإعداد والتوثيق وكتابة التقارير وممارسات الإدارة والقيادة الحديثة وتقييم الأداء، وذلك نتيجة مباشرة لتعرضهم لبرامج التدريب والتطوير التي جعلت العلاقة بين الرؤساء والمرؤوسين في المجلس علاقة تناغم وتعاون وغرست الفخر بين الموظفين بالانتماء لكيان مجلس الشورى.
الجهاز الإداري والتنفيذي في مجلس الشورى هو قلبه النابض وهو الهيكل الذي تقوم عليه إنجازات المجلس ولكون طبيعة العمل الشورى (البرلماني) الذي يمارسه أغلب موظفي المجلس تختلف عن طبيعة العمل في كثير من مؤسسات الدولة وأجهزتها الحكومية فدورهم مهم في مراحل صنع القرار داخل المجلس وصياغة التوصيات في اللجان المتخصصة بما يقدمونه من دعم بحثي ومعلوماتي وتوثيقي وتنسيقي لعمل الأعضاء، كلما كان الموظفون في المجلس وأمانته العامة على مستوى العالم من التأهيل والتدريب، انعكس ذلك على مستوى مخرجات المجلس بشكل عام وبما يليق بما عهد له خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز من شرف خدمة ومشورة، ومن ذلك المنطلق أجد أن هناك مشتركاً واحداً بين الموظفين في المجلس، هو الشعور برغبة في نيل رضا أعضاء المجلس واستعدادهم المتحفز للتعلّم والاكتساب لتحسين قدراتهم والاستفادة مما توفره رئاسة المجلس من فرص لتحسين وتطوير بيئة العمل الإداري وما يسهم في رفع مستوى كفاءة وأداء الموظفين وزيادة إنتاجيتهم بما ينعكس على أداء وتطور المجلس كمؤسسة تمثِّل إحدى ركائز الدولة.