فهد بن جليد
ضوابط إيقاف الخدمات الحكومية التي شدَّد وزير العدل -مؤخراً- بضرورة أن تتم وفق الأنظمة واللوائح والتعليمات ذات الصلة، بحيث لا يترتب على إيقاف الخدمات من المحاكم ضرر على التابعين للموقوفة خدماته، خطوة إنسانية قانونية وتطويرية موفقة تستحق الإشادة، فهي تُراعي مصلحة الجميع بما فيهم (الأسر والعائلات) التي قد تتضرَّر نتيجة إيقاف خدمات (عائلها)، وتتعطل مصالحهم وذنبهم الوحيد أنَّ (رب الأسرة) ماطل في تنفيذ حكم، أو لم يراجع المحكمة لمُتابعة قضية ما، لذا يأتي هذا الضبط ليضع النقاط على الحروف، ويحمي الآلاف من الأسر من تحمل أخطاء الأب، أو تعطل مصالحها وحياتها بسبب إيقاف خدماته، أو حتى التوسع في إيقاف الخدمات والذي جعل البعض يُبالغ بالنظر إليه (كعقاب جماعي) للموقوفة خدماته وأسرته مع الحديث عن أرقام كبيرة وغير صحيحة عند طرح ومُناقشة هذه القضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.
لا يمكننا تجاوز أنَّ قضية إيقاف الخدمات سابقاً كانت تعني (شللاً كاملاً) للفرد وأسرته، وتعطيلاً كُلياً لحياة هذا الشخص فلا يستطيع الإيفاء بمُتطلبات حياته الأسرية اليومية، ولا يستطيع حتى التحرك أو المُضي قُدماً لمُعالجة المُشكلة التي تسبَّبت بإيقاف خدماته, نسبة المُحاولة غالباً تكون صفرا، لأنَّ الفرد سينشغل هنا بمواجهة الوضع الجديد للأسرة، أمَّا النسخة الجديدة من الضوابط التي أصدرها وزير العدل (مشكوراً) فهي تُشدِّد على ألا يترتب على إيقاف الخدمات الصادر من المحاكم أي ضرَّر على التابعين، وألا يشمل وقف الخدمات الحقوق الأساسية المُتعلقة بالعلاج والتعليم والعمل أو توثيق الوقائع المدنية (كتجديد الهوية الوطنية)، واستثناء المُرابطين على الحدود ..إلخ، لأنَّ الهدف (وفق تعميم الوزير) هو إلجاء الموقوفة خدماته للوفاء بما يُطالب به، أو لحضوره جلسات المحكمة في القضايا المنظورة، مع عدم التوسع في ذلك، وألا يصدر إلا بأمر قضائي، وهذا له دلالات كبيرة تتوافق مع الأهداف والغايات السامية للقضاء في بلادنا لحفظ حقوق الجميع بشكل عادل ومُنصف، وبما يحقق المصلحة العامة للفرد والمجتمع، فلا يتضرَّر من لا ذنب له جراء انحراف تطبيق نظام ما أو التوسع فيه بحسن نية.
مثل هذا الأمر يبعث على التفاؤل والطمأنينة ويجعلنا نعيد قراءة الكثير من الأنظمة بشكل إيجابي، وأنَّ بإمكاننا تطويرها وتعديلها بما يتوافق ويحقق مصلحة الجميع، (فالطالب والمطلوب والمجتمع) في التعديل الأخير مُستفيدون، بمنح الأمل للموقوفة خدماته أكثر، ليتكمن من علاج مُشكلته ومواجهتها بخطوات تصحيحية، بدلاً من حالة الاستسلام السابقة، مع حماية أسرته من أي ضرَّر، وهذا برأيي (عين العدل) الذي ننشده.
وعلى دروب الخير نلتقي.