الرياض - «الجزيرة»:
تدخل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني العام الثامن عشر من عمرها وقد تحقق الكثير من المنجزات في قطاعات السياحة والتراث الوطني على مستوى المملكة. حيث استطاعت من خلال جهودها، وبالتعاون والعمل المشترك مع شركائها في الجهات الحكومية والخاصة، وبدعم من الدولة، أن تضع الأسس القوية لصناعة سياحة وطنية قادرة على التنافس في السوق المحلي والإقليمي.
وأصبحت صناعة السياحة في المملكة صناعة بالغة الأهمية، يقوم على تنظيمها وخدمتها جهاز حكومي يعمل بكفاءة عالية، ومنظومة من الشراكات والشركاء كلهم يعملون لخدمة صناعة السياحة والتراث الوطني. وأسست الهيئة منصة كاملة لصناعة اقتصادية جديدة، بعد أن اشتغلت بمراحل مهمة للتأسيس لم تكن واضحة لدى المواطنين، وتمكنت من إتمام جميع متطلبات البناء النظامي.
تجهيز القطاعات السياحية
وحيث يتميز قطاع السياحة في المملكة بتنوع أنشطته وتشعبها وارتباطها بأنشطة وجهات وتخصصات متعددة، بدءا بنشاط المعارض والمؤتمرات والحرف اليدوية، وانتهاء بتنظيم الرحلات السياحية والإرشاد السياحي وغيرها، فقد عملت الهيئة على تبني واحتواء كل قطاع بذاته وتأسيسه وبناء أنظمته وأعمدته التنظيمية ليكون جاهزا للانطلاق، وذلك بتأسيسها قطاع المعارض والمؤتمرات من خلال البرنامج الوطني للمعارض والمؤتمرات، وقطاع الحرف اليدوية من خلال البرنامج الوطني لتنمية الحرف والصناعات اليدوية «بارع»، وتهيئة بنيتهما النظامية والاستثمارية حتى أصبحا ناضجين وجاهزين وأصبح كل برنامج يعمل بقدراته وإمكاناته الذاتية وفق أحدث الأساليب الإدارية مدعوما بالأنظمة والتنظيمات الإدارية وينفذ أنشطته ومشاريعه.
وفي إحدى كلماته أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن الهيئة عملت منذ أن أسستها الدولة قبل 17 عاما على بناء قطاع متكامل للسياحة والتراث بكل ما تحمله مسميات القطاع من تهيئة الأنظمة وانشاء الأنشطة الفرعية وتوفير الممكنات والبناء المؤسسي لهذه القطاعات، وصممت الهيئة كل القطاعات والأنشطة التي أنشأتها لتكون قابلة للانفصال والعمل بمفردها أو تنضم لجهات أخرى وفق المنهجية التي اعتمدها مجلس إدارة الهيئة عام 1425هـ (القيادة ثم الانحسار) وهي التي تعني أن تبادر الهيئة بتأسيس قطاعات وتتولى قيادة الأنشطة في البدايات على أن تنحسر وتسلم القيادة للشركاء الذين يتم تأهيلهم أو للكيانات الإدارية الجديدة التي تنشأ أو تنفصل عن الهيئة، مشيرا إلى أن مشروع هيئة السياحة والتراث منذ بداياته كان مشروعا تكامليا يؤمن بالشراكة ولم يكن يوما مشروع استحواذ على صلاحيات وتجميعها».
التركيز على المواطن
حرصت الهيئة على أن يكون المواطن هو شريكها ومستشارها الأول، والتحول الذي حدث في بلادنا، حدث بطريقة بدأت من القمة إلى ما تحتها، والهيئة عملت على أن يكون المواطن هو القمة التي تبدأ بها.
وفي هذا السياق قال سمو رئيس الهيئة: «النجاح الأهم للهيئة هو في احداث التحول في المجتمع من متردد إلى متحمس للسياحة ومطالب بتطويرها، والمجموعات التي كانت تعارض السياحة أو تنظر لها بالشك في بدايات الهيئة هي الآن أكثر المتحمسين لها بعدما استوعبت المفاهيم الحقيقية للسياحة ولمست آثارها الاقتصادية المهمة كموفر رئيس لفرص العمل والتنمية الاقتصادية في المناطق.
وأضاف: لدينا 20 مليون مستشار هم المواطنون بتنوع ثقافاتهم ومستوياتهم التعليمية وعندهم من الحكمة ما هو أهم من الشهادات العلمية، والمواطن هو من حقق التنمية وهو من يعول عليه في تحقيق التطور، لذا فقد قامت الهيئة بالانفتاح الكامل على المواطنين وتعمل معهم في بداية كل مسار وكل مشروع.
إنجازات السياحة:
تنفذ الهيئة حاليا منظومة من المشاريع السياحية والتراثية والمتحفية سيكون لها إسهامها البارز في زيادة التدفقات السياحية وحجم الاستثمار السياحي.
وفي كلمته باللقاء السنوي للهيئة قال الأمير سلطان بن سلمان: «نحن الآن ندير منظومة ضخمة من المشاريع ضمن مبادرات الهيئة في برنامج التحول الوطني الذي وجد الهيئة جاهزة بمبادراتها ومشاريعها، وكل ما طلب منها جاهز ومبرمج، وهذا كان بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل الاستثمار في منسوبي الهيئة، والاستثمار في شركائنا الذين اعتبرناهم جزء لا يتجزأ من الهيئة، حيث استثمرنا فيهم بالرحلات الدولية والتدريب وبكل ما يحتاج الأمر حتى لا نعمل لوحدنا ونغرد منفردين.
وتابع سموه: «المواطن الآن يريد السياحة في وطنه ويريد أن يكون وطنه هو الخيار الأول، وأنا أكرر ما قلته قبل عشر سنوات بأن المملكة العربية السعودية سوف تصبح الخيار الأول للمواطن سياحياً، وهذا يجب أن يحسب عليّ وأحاسب عليه في المستقبل.
وأضاف: «الدولة الآن ركزت على الاستثمار في القطاع السياحي، ونحن نعمل مع صندوق الاستثمارات العامة لاستعجال تأسيس شركة الاستثمار والتنمية السياحية، وهيئة السياحة والتراث الوطني تعمل حاليا على أكثر من 32 متحف وتستقطب عشرات إن لم يكن مئات من الإخوة والأخوات الذين سينقلون المتاحف من مخازن آثار إلى أماكن متعة وفرح وتعلم، لم يسبق أن رأيناها في المملكة من قبل، ونتكلم أيضا عن الوجهات السياحية التي نتطلع إلى الإعلان قريبا عنها في شرق المملكة وغربها، كما يحدث الآن بمدينة سوق عكاظ التي مولتها الدولة بأكثر من 680 مليون ريال وأعلنا عنها العام الماضي، كما أن هناك منظومة الفعاليات التي بدأتها الهيئة وشركائها وتجاوزت 600 فعالية، وأصبح هناك قطاع ناضج و منظمو فعاليات مرخصون، كما أن قطاع المعارض تطور بشكل كبير عبر برنامج المعارض والمؤتمرات، وستصبح المملكة أكبر دولة في المنطقة جاذبة للمعارض والمؤتمرات».
تطور السياحة الوطنية
أسهمت جهود الهيئة في تطور السياحة الوطنية وتضاعف إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي، كأحد أكثر القطاعات الاقتصادية غير البترولية نمواً، فقد ارتفعت الإيرادات السياحية من (57.3) مليار ريال سعودي في العام 2004، ووصلت إلى (197) مليار ريال في نهاية عام 2017م بنسبة نمو (18%) عن العام الذي قبله.
وشهد قطاع الإيواء السياحي بكافة فئاته نمواً سريعاً فاق النمو المتوقع للطلب، حيث تضاعف عدد المنشآت السياحية المرخصة منذ بدء إشراف الهيئة على قطاع الإيواء في عام 2009م، فارتفع عددها من (1402) منشأة إلى أن بلغ عددها في نهاية عام 2017م (7385) منشأة، بنسبة نمو (426%)، خلال هذه الفترة.
وزاد عدد العاملين في قطاعات صناعة السياحة المباشرة من (333) ألف سعودي في العام 2004 إلى أن بلغ أكثر من (936) ألف سعودي، بنسبة نمو (181%) مقارنة مع العام 2004م، ومن المتوقع أن يزيد عدد الفرص الوظيفية إلى (1,2) مليون وظيفة بحلول عام 2020م.
وبلغ عدد المسارات السياحية المنظمة التي ترتبط بمواقع الجذب السياحي في مناطق المملكة، أكثر من 66 مساراً، وهو ما أحدث نقلة نوعية تنمو بشكل مستمر في مجال تنويع المسارات والأنماط السياحة.
كما يتم تنظيم أكثر من (100) مهرجان سياحي سنوياً بدعم من الهيئة في مناطق المملكة، وتشمل فعاليات متنوعة بلغت في نهاية العام 2017 أكثر من (785) فعالية في مختلف الأنماط السياحية.
الاستثمار السياحي
وفي مجال الاستثمار السياحي أقرت الدولة مؤخراً برنامجين رئيسيين لتمويل مشاريع السياحة والتراث الوطني ضمن مبادرات التحول الوطني 2020، وهما:
مبادرة إقراض المشاريع السياحية والفندقية مع وزارة المالية بمبلغ 3 مليار ريال، ومبادرة ضمان التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة مع برنامج كفالة بمبلغ 270 مليون ريال تضخ في رأس مال البرنامج وينتج عنها تمويل يصل إلى 1.5 مليار ريال.
يضاف إلى ذلك تطبيق آلية الاستثمار والتأجير طويل الأجل للأماكن السياحية العامة، بهدف تشجيع الاستثمار في مجالات السياحة والتراث الوطني. وتصل حاليا الى 50 سنة وكانت سابقا تصل إلى 25 سنة.
تعمل الهيئة بالتعاون مع وزارة المالية لأجل توسيع نطاق الإقراض ليشمل جميع المشاريع السياحية والتراثية إضافةً إلى مشاريع الفنادق، ومراجعة الاتفاق القائم مع بعض التعديلات على مستوى ملكية الأراضي والحد الأقصى لقيمة القرض، وتوفير مراكز الاستثمار السياحي المنتشرة في مناطق المملكة ويبلغ عددها نحو (17) سبعة عشر موقعاً، وموزعة على (17) سبعة عشر منطقة ومحافظة بالمملكة.
ويبلغ عدد مبادرات الهيئة في برنامج التحول الوطني (18) مبادرة، منها (6) مبادرات تنفذ بالتعاون مع الشركاء، ويبلغ إجمالي تكاليف هذه المبادرات 11.600 مليار ريال؛ تقدر نسبة الهيئة منها (81 %)، وللشركاء من الجهات الحكومية ما نسبته (19%).
وفي مشاريع البنية التحتية والمشاريع السياحية تم تطوير (182) موقعاَ سياحياً من قبل الهيئة وشركائها، وبخاصة البلديات المحلية.
إضافة إلى العمل لإنجاز تطوير (229) موقع يتم حاليا العمل فيها مع الشركاء وبخاصة الأمانات والبلديات بمشاريع داعمة للسياحة بتكلفة إجمالية تقارب (8) مليارات ريال.
وانجاز تطوير مشاريع في 30 مدينة بالتعاون مع الأمانات والبلديات وجهات أخرى لزيادة الجذب السياحي للمدن، بالإضافة إلى (44) موقعاً على الشواطئ حددتها الهيئة لتنفيذ مشار يع للتطوير.
وتقوم الهيئة في إطار برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة بإنشاء وتجهيز (18) متحفا إقليميا سيتم افتتاحها تباعا بدءا من العام القادم بإذن الله، وتأهيل أكثر من (80) موقعاً أثرياً وتراثياً يجري تأهيلها لاستقبال الزوار واستقطاب المستثمرين من القطاع الخاص للمشاركة في تشغيلها وتوفير الخدمات بها.