د.دلال بنت مخلد الحربي
تزخر كتب الرحالة الأوربيين على وجه الخصوص بمعلومات غزيرة عن المناطق التي وصلوا إليها داخل الجزيرة العربية، وبعض هذه المعلومات فريدة في محتواها قد يصل بعضها إلى درجة الغرابة، وتكاد هذه المعلومات تعم كتب الرحالة الغربيين بأكملها.
وجزء من هذه المعلومات لا نجد له مثيلاً في كتب التاريخ المحلية، وإن وجدت قد تكون مختصرة جداً عن تلك التي أوردها الرحالة الغربي، وهذه تعد مشكلة لأننا لا نعرف مدى صدق المعلومة التي يوردها الرحالة الغربي، فنحن لا نستطيع أن نكذبها لأنها تكون نتيجة ظروف أحاطت به زماناً ومكاناً، نتج عنها معلومة فريدة تستحق التأمل والتفكر، وأيضاً التدقيق بمدى صحتها من عدمه.
وهناك معلومات أخرى تئشكل رؤية مستقبلية يطرحها الرحالة وكثير ما تتحقق بعضها بعده بزمن.
إن التأمل في معلومات الرحالة الغربيين يستدعي التدقيق في كتب التاريخ المحلي المنشورة، والعمل على نشر المخطوط منها لمقارنة الأخبار والتوثيق من المعلومات، واستكمال النواقص من الأحداث والأخبار الخاصة بالأحداث الكبيرة أو حتى الشخصيات.
تقدم كتب الرحالة مادة ثرية جداً يتطلب التعامل معها بكل احترافية عالية، فهي على تنوعها تتنقل بك بين التاريخ والجغرافيا والأدب واللغة والاجتماع والأنساب والقبائل، وكل ذلك يجعل الشخص المطالع لها يعجب من القدرة الكبيرة التي ارتكز عليها الرحالة في كتابته إذ أنه لابد استعد لرحلته بقراءة مستفيضة ومسبقة عن المنطقة واطلاع بكل الطرق التي أتيحت له، والدليل هو ذلك التبحر العميق في المنطقة بكل جوانبها.
كتب الرحالة متعة، ومتعتها قراءتها بلغتها الأصلية، لأن الترجمات غير الأمينة شوهت كتب الرحالة حيث يتصرف بها المترجم على هواه بحذف أو اختصار أو تبديل للمعنى.
وتظل مسألة مقارنة معلومات الرحالة الغربيين بما هو مدون في كتب التاريخ المحلي مسألة مهمة، لأن بعض المعلومات التي ترد فيها لا يتفق مع واقع الحال، ولا يتوائم مع الفكر السائد في المنطقة.