د. محمد عبدالله الخازم
منذ أن دمجت وزارتا التعليم العام والتعليم العالي في وزارة واحدة، وربما قبل ذلك الدمج، طرحت خطط وأفكار للتطوير يتم تداولها ولكننا لا نراها على أرض الواقع، وتحديداً تلك المتعلقة بالتطوير المؤسسي والإداري التي نعتقد أن إنجازه يساعد في التركيز بشكل أفضل على التطوير الأكاديمي والتعليمي. ومعالي وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى، تحديداً، أخبرنا في أكثر من تصريح ولقاء بأفكار تطويرية جيدة ننتظر أن نراها واقعاً منفذاً في الميدان، من أهمها مشروع استقلالية المناطق التعليمية بميزانياتها ووظائفها ومشاريعها بحيث تتحول الوزارة إلى جهاز رقابة وتنسيق وتشريع تعنى بالسياسات العامة والمناهج والتطوير الأكاديمي كما يحدث في علاقة وزارة البلديات بأمانات المدن المختلفة، وكذلك مشروع استقلالية الجامعات الذي يتم العمل عليه لكن ببطء بيروقراطي، وغيرها من الأفكار الأخرى المطروحة علناً مثل مشروع تأسيس معهد تدريبي تربوي وهيئة مستقلة للابتعاث.. إلخ. بما أن جميع المشاريع أعلاه أو أفكارها أعلنت عن طريق قيادة التعليم، فإنني أفترض رغبتهم في تنفيذها، وأخمن الأسباب التي تعيق مثل ذلك وأصنفها كالتالي:-
1. أسباب بيروقراطية خارج سيطرة وزارة التعليم تتعلق بقطاعات أخرى مثل وزارة المالية أو وزارة الخدمة المدنية أو غيرها من الجهات.
2. أسباب نظامية أو تنظيمية خارج الوزارة حيث أن أنظمة التعليم قد تصطدم بأنظمة أخرى يصعب تجاوزها وحلحلتها لصالح المنظومة التعليمية، سواء مالية أو إدارية أو توظيفية.
3. أسباب داخل الوزارة تتمثل في أنظمتها الداخلية أو تواضع القدرات البشرية القادرة على صياغة التغيير وتحويله من مجرد رغبات قيادية إلى خطوات تنظيمية واضحة.
4. أسباب داخل الوزارة تتعلق بوجود مقاومات خفية أو معلنة ضد التغيير ولا تتفق مع أفكار قيادة الوزارة نفسها. السببان الأول والثاني، آمل من مجلس الاقتصاد والتنمية الدعم بمناقشتها وحل الصعوبات المتعلقة بها بعد أن تقدم بشكل واضح وشفاف من قبل وزارة التعليم، حيث هي أحد مهام المجلس الرئيسة، التنسيق بين مختلف القطاعات وحل التعارضات التي تحدث بين توجهات الوزارات المختلفة. ليس معقولاً أن تظل الجهات ذات العلاقة تتقاذف نظام استقلالية المناطق التعليمية أو الجامعات، مثلا، كل هذه السنوات دون أن تتفق على صياغة نهائية له. المطلوب تسريع عملية التغيير ووضع الإطار العام لإستراتيجية التطوير بوزارة التعليم. أما السببان الأخيران، فربما تحتاج قيادة وزارة التعليم البحث بجدية عن العناصر القادرة على دعم رؤية التغيير والتطوير سواء من داخل الوزارة أو خارجها والتعرف على العناصر أو الأنظمة الداخلية التي تعيق مسيرة التغيير. التغيير عملية شاقة في بيئة الوزارات الحكومية المعتادة على نمط معين من بيروقراطية الأداء، لكن مواجهة الصعوبات مطلب حتمي إن أردنا تسريع وتيرة التغيير والانتقال من الأحلام والرغبات والتوجهات إلى الواقع الميداني. لقد أعلن سمو ولي العهد عزم المملكة على تطوير التعليم ورسم أهداف علمية يجب إنجازها، وإن لم تكن وتيرة التغيير الإداري والتنظيمي والمالي أسرع فلن نحقق تلك الأهداف في الموعد الذي ضربه لنا سموه الكريم.