محمد سليمان العنقري
تقوم وزارة التجارة والاستثمار بحملة كبيرة على منافذ بيع السلع المخفضة المعروفة باسم محلات أبوريالين وتوعدت الوزارة بإحالة المخالفين الذين يعرضون بضائع مغشوشة بإحالتهم للنيابة العامة ليتم إحالتهم بعدها للمحاكم وتطبيق الأنظمة بحقهم التي تصل إلى غرامة بمليون ريال أو السجن لعامين أو بكلتا العقوبتين معاً.
بداية فإن القيام بتنظيف السوق من الغش التجاري أحد أهم واجبات وزارة التجارة وكل الأجهزة المعنية بهذا الشأن لأنه يكبح الهدر والاستنزاف الاقتصادي بخلاف مضار هذه السلع البيئية والصحية، فالغرابة هي بانتشار مثل هذه المنافذ لبضائع رديئة بل غالية الثمن قياساً بضعف جودتها وأضرارها وليست مخفضة كما يظن البعض فالبضائع التي يمكن تصنيفها مخفضة السعر تلك التي تتميز بمستوى جودة جيد وليس لها أي ضرر صحي وبيئي واقتنائها بسعر مخفض يعد صفقة جيدة للمستهلك لأنه سيستفيد منها دون تكلفة مرتفعة، أما ما يعرض من بضائع مغشوشة مصنوعة من مواد رديئة وبأسعار دون عشرة ريالات أو أكثر قليلاً فهي ليست رخيصة إنما يتم جذب المستهلكين من خلال سعر يعد رقمياً منخفض لكن عندما تعرف مدى سوء المنتج الذي اشتريته ومضاره ستعي أنك أهدرت مالك،
فحجم الغش التجاري عالمياً يبلغ نحو 760 مليار دولار أمريكي وحجمه في العالم العربي يقارب 56 مليار دولار أما في المملكة فبعض التقديرات غير الرسمية تقدره ما بين خمسة إلى عشرة مليارات دولار، وقد استطاعت الجهات الرسمية من خفض حجم كميات البضائع المغشوشة والمقلدة بنسب تقارب 40 في المائة إلا أن الجهود لتقليصها كي تكون بنسب ضئيلة أو معدومة يحتاج لجهود كبيرة، منها تطوير معايير المواصفات والمقاييس سواء للأدوية أو الأغذية أو أي سلع أخرى واستخدام أفضل الوسائل والمعدات وزيادة عدد الكوادر العاملة بالأجهزة المعنية بمكافحة الغش التجاري وفحص السلع المستوردة في المنافذ البرية والجوية والبحرية.
أما الحلول التي تقع على عاتق وزارة التجارة والاستثمار تحديداً لمنع الغش التجاري فهي عديدة، فأولها إعادة تنظيم ضوابط عمل تلك المنافذ بشروط يتم فيها تحديد مفهوم
«البضائع المخفضة» ويتم معها الغاء اسم محلات «أبوريالين» وكل دعاية مشابهة تجذب المستهلك لتبيعه سلعاً رديئة فما يغري المستهلك بشراء تلك السلع هو رخصها بحسب وجهة نظره وعدد الريالات القليل التي يدفعها ثمناً لها عندما يقارنها بنفس السلع من نوعيات جيدة أغلى ثمناً لكن من المهم أن تقوم الوزارة بمزيد من الجهود لمكافحة رفع الأسعار المبالغ فيه لكثير من السلع الجيدة من خلال تطوير للرقابة على السلع وأسعارها من بلد الإنتاج إلى السوق المحلي من خلال دور فاعل أوسع للملحقيات التجارية التي يجب أن تزود الوزارة بأسعار السلع التي تستورد للمملكة من تلك البلدان المصدرة لأسواقنا بطرق تنظيمية دقيقة بخلاف أدوار لأجهزة الجمارك وغيرها فضبط الأسعار بالسوق المحلي للسلع الجيدة سينقل المستهلك لها بعيداً عن السلع المغشوشة بالإضافة للنهوض بالإنتاج محلياً للعديد من السلع التي تستورد كي يكون هناك هامش منافسة مقبول إضافة لفك احتكار السوق ومحاربة التستر التجاري الذي توغل كثيراً بقطاع التجزئة والتجارة عموماً.
جهود مكافحة الغش التجاري لا تتوقف وحققت الأجهزة المعنية وعلى رأسها وزارة التجارة والاستثمار تقدماً مهماً في محاصرتها لكن التجارة بهذه السلع تعد مشكلة شائكة عالمياً ولا بد من الاستمرار ببذل الجهود لتحجيمها بالإضافة لرفع مستوى الوعي عند المستهلك بمخاطر تلك السلع من خلال حملات توعية منظمة وممنهجة تكشف حقيقة أن تلك السلع غالية قياساً بجودتها وسرعة عطبها أو ضررها الصحي واستنزافها لأموال المستهلكين مما يلحق الضرر بالاقتصاد عموماً.