باريس - واس:
أكدت الهيئة الملكية لمحافظة العلا أن توقيع اتفاقية تعاون بين المملكة وفرنسا لتطوير المواقع التراثية والتاريخية في محافظة العلا يأتي تجسيداً وانعكاساً لالتزام المملكة الراسخ بحماية الإرث العالمي والنهوض به وإدراكها لأهمية تطوير السياحة المستدامة والتراث الثقافي مع شركائها من بيوت الخبرة حول العالم وتعزيز سبل التعاون مع الشركاء كافة في مختلف القطاعات من خلال تنفيذ مشاريع متنوعة تحقق الأهداف المنشودة. وأوضحت الهيئة في بيان صادر عنها أمس أن الاتفاقية تشمل، العمل على المشاركة في وضع التصورات المستقبلية لمشروع تطوير ثقافي وتراثي وسياحي طويل الأمد، لحماية وتطوير المواقع التراثية والتاريخية لمحافظة العلا تحقيقاً للتحول المستدام في المحافظة لتمكين الزوار المحليين والإقليميين والدوليين من التعرف على ثراء إرثها الثقافي والتاريخي والطبيعي وإرث المملكة بشكل عام، وعلى الحضارات العربية والقيم المحلية تماشياً مع أهداف رؤية 2030 الرامية إلى دعم جهود بناء اقتصاد مزدهر.
وأشار البيان إلى أن فرنسا تعد شريكاً مميزاً لما حققته من نجاحات باهرة وكبيرة في مجالات السياحة والضيافة وحفظ التراث والآثار ومجالات الفنون. وأوضح البيان أن توقيع الاتفاقية يأتي في إطار إحداث التطوير والتنمية المستدامة لمحافظة العلا التي تضم مواقع تراثية وثقافية مهمة مثل مدائن صالح، التي يعود تاريخها للحضارة النبطية، وتُعدُّ أول موقع أثري سعودي يتم تسجيله في برنامج التراث الإنساني العالمي الذي تديره منظمة اليونسكو.
وأكدت الهيئة أن الطرفين اتفقا على أهمية حماية المواقع الأثرية البارزة والنهوض بها دعماً للسياحة المستدامة والبرامج الثقافية والتعليمية وتعزيز الحوار والانفتاح على الثقافات المختلفة. وبحسب البيان تشمل بنود الاتفاقية اتفاقا بين الحكومتين للتشارك والتبادل المعرفي بشأن تطوير محافظة العلا ثقافياً واقتصادياً وسياحياً بالإضافة إلى الحفاظ على الثقافة والإرث التاريخي والموارد الطبيعية والبشرية فيها.
وسيتم تحقيق هذه الأهداف من خلال التعاون في مجالات التخطيط المعماري والبنية التحتية والتنقل، والحفاظ على التراث الثقافي والمعماري، والعروض الثقافية والفنية وتعزيز الهوية الثقافية للمحافظة، وتطوير قطاع الضيافة والنهوض بالسياحة المستدامة والحفاظ على البيئة، والنهوض بقطاع الصناعات الحرفية لتنمية الاقتصاد المحلي، وتعزيز الكفاءات والقدرات الوطنية ونقل الخبرات وتوطين التقنية. ولبدء العمل ضمن إطار الشراكة، وقعت الهيئة الملكية لمحافظة العلا مذكرة تفاهم مع برنامج كامبوس فرانس، وهي مؤسسة أكاديمية ومهنية دولية رائدة، من أجل الترحيب بطلبة العلا اعتباراً من فصل الخريف 2018 حيث تم توقيع الاتفاقية أثناء انعقاد فعاليات منتدى الرؤساء التنفيذيين الذي شاركت فيه المؤسسات والشركات الفرنسية المختصة بهدف إشراكها في الجهود التي تبذلها المملكة في مجال تطوير التعليم والتدريب، وستقوم هذه المؤسسات والشركات بتدريب الشباب السعودي وتوفير البرامج التعليمية لهم لضمان تحقيق التحول الاقتصادي المستدام الذي تنشده المملكة. كما تم توقيع مذكرة تفاهم مع معهد العالم العربي لإقامة وتنظيم معرض زائر العام القادم 2019 حول محافظة العلا ينعقد بمقر المعهد في باريس حيث ستحظى العاصمة الفرنسية بقصب السبق عالمياً في عرض الكنوز التراثية والثقافية للعلا واستعراض مراحل التاريخ العريق للمحافظة من آلاف السنين وحتى هذه اللحظة التي تشهد تنفيذ مشاريع متنوعة وجديدة في المحافظة.
من جهته أكد صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا أن الهيئة، التي تأسست في يوليو 2017، تهدف إلى حماية المحافظة وإحياء قيمتها التاريخية. وأوضح أن توقيع هذه الاتفاقية يعد استكمالاً لعملية بناء الشراكات المهمة العالمية لحماية إرث وطبيعة وتراث العلا وتطوير مرافق وبنية تحتية قوية تتناسب مع المكانة التاريخية والثقافية للمحافظة.
وشدد سموه على التزام الهيئة الراسخ بالمعايير العالمية للسياحة البيئية وضمان تحقيق الفائدة المرجوة لسكان المحافظة من هذا المشروع ليكونوا من أوائل المستفيدين منه، منوهاً إلى دور فرنسا بوصفها شريكا مهما للإسهام في تحقيق هذه الأهداف. من جانبه أكد المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى العلا، جيرارد مسترلا، أن هذه الاتفاقية وما تمثله من تعاون مشترك بين البلدين، تعد بمثابة حجر الأساس للإسهام في تعزيز التبادل الثقافي. وأضاف: يشرفني أن أسخر خبراتي لهذا المشروع المشترك وأساهم في أعمال التنسيق الخاصة بالخبراء الفرنسيين لضمان نجاح أهداف الاتفاقية. وتحتضن محافظة العلا مناظر خلابة للصحراء وتشكيلات صخرية متميزة ومجموعة من المواقع الأثرية البارزة في منطقة الشرق الأوسط مثل المواقع الخاصة بالحضارتين اللحيانية والنبطية خلال الألفية الأولى قبل الميلاد.
وتعد العلا من عجائب العالم العربي القديم وسميت قديماً بـ (الحجرة) حيث كانت تمثل العاصمة الجنوبية لمملكة الأنباط بينما تمثل بترا العاصمة الشمالية. وتبلغ مساحتها 22,561 كيلومترا مربعا وتبعد 300 كيلومتر عن المدينة المنورة وتقع على مفترق طرق تاريخي حيث شهدت وجود عدد من الحضارات وتمازجاً وتبادلاً ثقافياً فيما بينها، كما كانت ممراً تجارياً لتجارة البخور ونبات المرة منذ الألفية الأولى قبل الميلاد.
وتواصل الهيئة الملكية وضع الخطط المستقبلية والاستراتيجية لتطوير وتنمية المحافظة وتوظيف إمكاناتها الطبيعية والتراثية سياحياً من خلال العمل مع العديد من الشركاء والمؤسسات والجامعات من مختلف أنحاء العالم، حيث تنفذ الهيئة حالياً برنامج المسح الأثري والتراثي بالشراكة مع جامعات متميزة من المملكة المتحدة وأستراليا بالإضافة للعمل مع فريق من المستشارين المتخصصين من الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا والعديد من بيوت الخبرة المتميزة.