عروبة المنيف
يرتكز مفهوم «الصحة العامة» على الوقاية من الأمراض بهدف حماية الإنسان من أي تهديدات قد تواجه صحته وذلك من خلال الممارسات المنظمة التي تحوي برامج متنوعة ترتكز على تنسيق جهود كافة القطاعات لتحقيق هدف الصحة العامة. ونظرياً، تتولى وزارة الشئون البلدية والقروية بالتعاون والتنسيق مع وزارة البيئة والمياه والزراعة ووزارة الصحة في صد أي مخاطر بيئية قد تحدث لأي مدينة أو بقعة في المملكة وتشمل تلك المخاطر الأوبئة والأمراض، فالبيئة التي يعيش بها الإنسان هي العامل الأساسي لوجود مناخ صحي يساعد في إنجاح ودعم العوامل الأخرى سواء اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية.
إن ما حدث بمنطقة مكة المكرمة من تفشي لوباء «الجرب» فيها إنما هو مؤشر هام يدفعنا لتسليط الضوء على قضية التنسيق بين تلك «الوزارات الثلاث» بهدف القضاء تماماً على أي مخاطر بيئية مستقبلية قد تتعرض لها المملكة . ولسوء الحظ انتشر المرض في منطقة مكة المكرمة «أطهر بقاع الأرض»، ووجهة جميع مسلمي العالم للحج والعمرة والعبادة، ما يتوجب على المعنيين تطهيرها من كل مسببات الأمراض الجرثومية التي قد تكون سبباً لإنتشار أي وباء.
إن الاهتمام بتطوير الحرمين الشريفين من أجل استقبال ضيوف الرحمن كان وما زال يلقى الاهتمام من الدولة، ما يتطلب أيضاً الاهتمام بما حول الحرمين من عشوائيات وبؤر للتجمعات الحاضنة للأوبئة والقادرة على شن حرب جرثومية لا تحمد عقباها، تلك الحرب التي لا تستخدم الرشاشات والبنادق والمتفجرات للقضاء على الإنسان بل تمتلك القدرة أيضاً على إحداث الذعر بين السكان في الداخل، من خلال حالة الفزع التي انتابت الناس بإصابة الطلبه بالمرض وتحميل وزارة التعليم مسؤولية لا يستهان بها في وسائل التواصل الاجتماعي مع أن المسؤولية مشتركة!، ووضع اليد على مكمن الجرح هو أول خطوة للبدء في عملية العلاج.
إن انتشار الوباء في منطقة مكة سيؤثر على الجهود العظبمة التي تبذلها الدوله بكافة إمكانياتها لإستقبال الحجيج ما يستدعي سرعة التحرك وإيجاد كافة الوسائل الممكنة للسيطرة على الوضع الوبائي الحالي وضمان عدم تكرار ذلك المشهد مستقبلاً.
إن التحديات التي تواجه متخذى القرار في «الوزارات المعنية» تتطلب سرعة التحرك وتنسيق الجهود، من خلال وضع خطة طوارئ لتبني الحلول الممكنة الكفيلة بالقضاء على ذلك الوباء أو أي وباء آخر قد يظهر، فالعشوائيات التي رأيناها في بعض مقاطع الفيديو حيث تتواجد بعض الجاليات ومناظر القمامة والقاذورات التي ظهرت في تلك المقاطع يجعلنا لا نستبعد إنتشار جرثومة وبائية أخرى، ما يستدعي من المعنيين سرعة شن حرب عليها وإزالتها وتطويرها كما حدث بحي العوامية في القطيف الذي كان حاضناً للإرهابيين، كذلك أحياء في مكه، التي تفرخ الجراثيم وتحضنها إلى أن تبدأ بشن حرب جرثوميه علينا وتنشر الأوبئه والأمراض المعدية، ما يستدعي السرعة في عمل خطة تنسيقية محكمة لإزالة تلك العشوائيات التي تهدد الصحة العامة وتطويرها وتأهيل ساكنيها، فالحرب الجرثومية لا تقل خطورة عن الإرهاب مع اختلاف الأسلحة.