خالد بن حمد المالك
بهذه الحلقة من سلسلة مقالاتي أختتم ما اتسعت له المساحة للتعليق والتحليل والقراءة حول ما كان يدور في أحاديث النخب الإعلامية والاقتصادية والسياسية عن زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأمريكية. فقد قام بتجديد التواصل مع الرئيسَين الأمريكيَّين السابقَين بوش الأب وبوش الابن، وكذلك مع وزير الخارجية السابق جيمس بيكر، من خلال الاجتماع بالرئيسَين والوزير في مقر إقامة الرئيس بوش الأب في تكساس. وقد تصدر الخبر الاهتمام الأمريكي بمبادرة الأمير. وفي لفتة إنسانية، وتثمين من سموه للدور الإغاثي الذي بادر به متطوعون سعوديون، عندما تعرضت بعض المنازل لإعصار (هارفي)، قام سموه بزيارة لأحد المنازل التي تعرضت للإعصار، وأُعيد بناؤها بجهد إغاثي من سعوديين، مؤكدًا سموه أن هذا العمل عكس الصورة المشرفة للسعوديين في تعاطفهم مع جيرانهم، وهو ما كان حديث وسائل الإعلام.
* *
وفي فرانسيسكو بحث الأمير محمد خلال زيارته شركة (أبل) في وادي السيلكون عددًا من المشاريع المشتركة. ففي لقائه الرئيس التنفيذي للشركة السيد تيم كوك تم استعراض أوجه الشراكة، كتطوير التطبيقات في المملكة، وإثراء المحتوى العربي التعليمي في بيئة الفصول الدراسية؛ مما يعزز تطوير منهج تعليمي إبداعي لطلاب التعليم العام بالمملكة. وكذلك بحث فرص العمل، وتمكين الشباب السعودي من الحصول على التدريب في مقر الشركة. وكانت فرصة لولي العهد للاطلاع على العروض التقنية في التعليم والصحة والتسويق. كما زار مسرح ستيف جوبز، واستمع إلى عروض عن التطبيقات الصوتية الحديثة التي تعمل عليها الشركة.
* *
الأمير ضمن برنامجه في سان فرانسيسكو اطلع أيضًا على التقنيات المتقدمة في قطاعات الطيران والدفاع الجوي، وتقنيات الصواريخ واتصالات الأقمار، واتصالات الأقمار الصناعية في شركة لوكهيد مارتن خلال زيارته لها في وادي السيلكون بمدينة سان فرانسيسكو، واجتماعه برئيس الشركة ومديرها التنفيذي السيدة مارين هيوستن وفريق الإدارة العليا بالشركة. وكانت فرصة لولي العهد للاطلاع أيضًا على منظومة الدفاع الجوي Thaap عالية التقنية التي تتفاوض المملكة على شرائها، وتوطين تقنيتها. كما شاهد الأمير الأقمار الصناعية عالية الكفاءة التي يجري بناؤها لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وعربستات.
* *
وضمن نجاح الزيارة الأميرية، وقَّع ولي العهد على أول قمر صناعي سعودي مستخدمًا عبارة (فوق هام السُّحب). وهو من أحدث الأقمار الصناعية بمواصفاته العالية. والعبارة المستخدمة هي من كلمات الأمير بدر بن عبدالمحسن، وغناء محمد عبده، وقد وظفها الأمير في هذا الحدث الأهم؛ ليعبّر في الوقت المناسب عن قيمة بلاده واعتزازه بها، والعمل بها يعزز من مكانتها. وفي هيوستن اطلع سموه على أجندة أبحاث أرامكو السعودية، ومجالات التركيز البحثي لها في الولايات المتحدة الأمريكية. جاء ذلك خلال الزيارة الأميرية لمقر أرامكو في هيوستن. وقد شملت الزيارة عرضًا للأمير عن أبحاث أرامكو وشبكتها التقنية العالمية، وعرضًا مختصرًا عن تقنيات أرامكو؛ لينهي الأمير الزيارة بمخاطبة الباحثين محفزًا إياهم على المزيد من العمل الرائع الذي يقومون به، وأن ذلك سوف يجلب الخير للعالم.
* *
وهكذا أمضى الأمير محمد بن سلمان زيارته للولايات المتحدة الأمريكية بين لقاءات مع الشركات وكبار المسؤولين فيها، ومع رجال الأعمال الكبار في أمريكا، حيث بحث معهم الشراكة التي تقود إلى تحقيق المصلحة للطرفين. وفي الزيارة كانت هناك لقاءات سياسية، شملت كل المؤثرين في السياسة، بدءًا بالرئيس وأعضاء الكونجرس، مرورًا بالوزراء وأعضاء من الحزبَين الرئيسَين (الجمهوري والديمقراطي)، ولقاءات صحفية مع أغلب الصحف الكبرى المهمة في الولايات المتحدة الأمريكية. أي أن أميرنا لم يترك تخصصًا أو قطاعًا في الدولة أو خدمات ضرورية بالمملكة إلا وناب عن الوزراء في بحثها مع الأصدقاء الأمريكيين، ولم يغادر أمريكا إلا وقد توصل إلى تفاهمات مع المؤثرين فيها، بما يخدم الجانبَين.