القاهرة - مكتب «الجزيرة»:
أكد المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة العربية الوزير المفوض محمود عفيفي، أهمية القمة العربية في دورتها التاسعة والعشرين، التي ستستضيفها المملكة العربية السعودية بمدينة الدمام يوم الأحد المقبل، بينما تحتضن العاصمة «الرياض» الاجتماعات التحضيرية التي تنطلق اليوم الثلاثاء.
وقالت الجامعة في بيان لها أمس الاثنين، أن عفيفي شدد في لقائه مع الوفد الإعلامي المرافق للأمانة العامة للجامعة العربية في «قمة الدمام»، على أن تلك القمة تأتي وسط تحديات كبيرة تواجهها الدول العربية وتهدد أمنها القومى.
وقال عفيفي: إن القمة ستناقش عدداً من الملفات المهمة تتصدرها القضية الفلسطينية والأزمات في سوريا وليبيا واليمن والتدخلات الإيرانية والتركية في شئون الدول العربية، ومكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى القضايا الاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف: إن هذه القمة ستحظى بمشاركة واسعة من قبل القادة العرب، كما يشارك فيها عدد كبير من مسؤولي المنظمات والتجمعات الإقليمية والدولية في مقدمتهم انطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، بالإضافة إلى رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي فيدريكا موجريني، بالإضافة إلى ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا، والذي سيقدم إحاطة لوزراء الخارجية العرب خلال الاجتماع التحضيري للقمة، حول جهود المنظمة الدولية لحل الأزمة السورية.
ورداً على سؤال عما إذا كان قد تم توجيه الدعوة لقطر لحضور «قمة الدمام»، قال عفيفي: إنه بالفعل تم توجيه الدعوة إليها لحضور القمة.
وأعرب عفيفي، عن أمله في أن تنجح القمة العربية بالدمام في إصدار القرارات، وتبني المواقف التي من شأنها تمكين الدول العربية من التصدي بفاعلية للتحديات والتهديدات الراهنة، مؤكداً ثقته في أن انعقاد القمة في المملكة العربية السعودية، والتي تشكل ركناً أساسياً في منظومة العمل العربي المشترك، سيوفر زخماً كبيراً وقوياً للتعامل مع مختلف القضايا والأزمات بالمنطقة.
وأوضح: أن القضية الفلسطينية ستكون محوراً رئيسياً من محاور النقاش خلال «قمة الدمام»، وذلك في ضوء التصعيد الإسرائيلي الأخير في غزة وقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس واعتزامه نقل سفارة بلاده إلى القدس شهر مايو المقبل، بالإضافة إلى بحث الأفكار وخطة السلام التي طرحها الرئيس الفلسطيني محمود عباس»أبو مازن» أمام مجلس الأمن في شهر فبراير الماضي.
ولفت عفيفي، إلى أن إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية الصنع من قبل الحوثيين على الأراضي السعودية سيحظى باهتمام خاص خلال القمة العربية، باعتباره تصعيداً خطيراً ومقلقاً للغاية ليس بسبب استهدافه الصريح للمملكة العربية السعودية فقط لكنه ينطوي أيضاً على توسيع دائرة الصراع خارج اليمن وهو ما بدا واضحاً خلال الآونة الأخيرة.
وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت «قمة الدمام» ستدفع باتجاه المزيد من انخراط الجامعة العربية في الأزمات الملتهبة بالمنطقة، لفت عفيفي إلى أن الجامعة العربية منخرطة بشكل واضح في الملف الليبى، وذلك للطبيعة الخاصة لهذا الملف.
ونوه عفيفي، في هذا الإطار بالجهود الكبيرة التي يقوم بها مبعوث الأمين العام للجامعة العربية إلى ليبيا صلاح الدين الجمالي مع الأطراف الليبية وبلورة أفكار للتوصل إلى توافق بشأن «اتفاق الصخيرات»، كما أكد أن هناك تنسيقاً مستمراً بين الأمانة العامة للجامعة العربية، والمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة.
وأعلن عفيفي، أن هناك اجتماعاً سيعقد بالقاهرة للجنة الرباعية الدولية المعنية بليبيا التي تضم كلاً من الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة نهاية أبريل الجاري.
وبشأن الأزمة السورية قال عفيفي: إن الملف السوري يواجه تعقيدات بالغة سواء على الصعيد الداخلي أو على صعيد التدخلات الواسعة من قبل أطراف إقليمية ودولية، فضلاً عن التصعيد العسكري الخطير على الأرض مما لا يجعل للجامعة دور كبير.
واستدرك عفيفي بالقول: «لكن نحن في تواصل مع الأطراف الرئيسية بالأزمة خاصة مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا ستيفان دي ميستورا، الذي تم توجيه الدعوة له لحضور الاجتماع التحضيري على مستوى وزراء الخارجية العرب يوم الخميس المقبل لتقديم إحاطة بشأن آخر الجهود الأممية لحل الأزمة، مشدداً على مساندة الجامعة العربية القوية لجهوده في ظل قناعتها بأن التسوية السياسية للأزمة لن تتم إلا عبر الأمم المتحدة ومسار جنيف؛ وأكد في الوقت ذاته أهمية توحيد قوى المعارضة السورية المعتدلة وغير المتورطة في عنف ضد الشعب السوري حتى يمكنها أن تنخرط بفعالية وصوت واحد في مفاوضات التسوية، منوهاً في هذا الإطار بلقاءين عقدهما الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط مع نصر الحريري رئيس هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية.
وأكد عفيفي، أن «قمة الدمام» ستناقش الوضع في اليمن، موضحاً أن الموقف الحوثي المدعوم من إيران يفاقم الأزمة في اليمن يوما بعد يوم، موضحاً أن إطلاق الصواريخ الباليستية من قبل ميليشيا الحوثيين يشكل تطوراً خطيراً ويدخل الأزمة في مستوى جديد من التصعيد، وأن الجامعة العربية تتواصل مع المنظمات الدولية المعنية، بقوة لتوفير المساعدات الإنسانية لليمنيين، منبهاً إلى أن هناك مناطق كاملة في اليمن على شفا مجاعة.
وأشار عفيفي، خلال اللقاء إلى أن ملف التدخلات الخارجية في الشئون الداخلية للدول العربية خاصة من قبل إيران وتركيا سيكون مطروحاً بقوة على جدول أعمال «قمة الدمام»، في ضوء القلق العربى المتصاعد، مرجعاً ذلك إلى أن التدخل الإيرانى ينطوي على تغذية للعنصر الطائفي في المنطقة العربية، معتبراً أن ذلك يمثل «كرة لهب» يمكن أن تتسبب في إحراق مجتمعات بأكملها إذا ما تدخل طرف لحماية إقلية بعينها.
كما اعتبر عفيفي أن قيام طرف خارجي بالتأثير على الوحدة الإقليمية وسيادة دولة عربية، لحماية أمنه القومي ووحدته الإقليمية، يشكل تهديداً على الأمن القومي العربي.. مشيراً في هذا السياق إلى التدخل التركي في شمال كل من سوريا والعراق.
ولم يستبعد عفيفي، انعقاد اجتماع للجنة الوزارية العربية المعنية بالتصدي للتدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية للدول العربية، والتي تضم كلاً من مصر والسعودية الإمارات والبحرين بالإضافة للأمين العام للجامعة العربية، على هامش الاجتماعات التحضيرية لقمة الدمام، كما ستكون تلك التدخلات الإقليمية في الشئون الداخلية للدول العربية محور نقاشات القادة العرب.
وفي رده على سؤال بشأن الرؤية السعودية لإصلاح وتطوير الجامعة العربية، قال عفيفي: إن هذا الملف مطروح منذ عدة سنوات وهناك لجنة وفرق عمل تعمل في هذا الملف، مشيراً إلى أن المملكة العربية السعودية طرحت رؤيتها في هذا الملف، وأنه من المهم حدوث توافق بين الدول العربية بشأن عملية الإصلاح.
وأوضح أنه ليس هناك طرح معين من قبل الجامعة العربية في هذا الصدد، مؤكداً أن الأمين العام للجامعة العربية يهمه أن تعمل الجامعة العربية بأكبر قدر من الكفاءة في إطار منظومة العمل العربى المشترك، وبالتالي فإن هذا الأمر مرحب به من قبل أي دولة عربية.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت «قمة الدمام» ستناقش تعيين نائب جديد للأمين العام للجامعة العربية خلفا للراحل السفير أحمد بن حلي، قال عفيفي: إن النظر في هذا المنصب هو من اختصاص الأمين العام للجامعة العربية، والذي بدوره ارتأى أن هذه المرحلة لا تستدعي وجود نائب له.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت القوة العربية المشتركة بنداً مطروحاً أمام «قمة الدمام» قال عفيفي: ليس هناك جديداً في هذا الموضوع، لكنه لفت إلى أن هناك إشارة لهذا الموضوع ضمن مشروع القرار الخاص بصيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب.
وأضاف عفيفي: إن القمة ستناقش عدداً من الملفات الاقتصادية والأبعاد الاجتماعية والتنموية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، إلى جانب العديد من الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية من بينها الأمن المائي والربط الكهربائي ومبادرة السودان لسد الفجوة الغذائية في العالم العربي، والاتحاد الجمركي وتفعيل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، واستكمال التصديقات اللازمة لدخول تلك الاتفاقيات حيز النفاذ، باعتبارها تشكل نقلة نوعية كبيرة في منظومة العمل العربى المشترك.