فهد بن جليد
حتى لا نظلم بعض قنوات الأطفال المتخصصة، هناك محاولات متكرِّرة لإنتاج برامج خاصة بالأطفال -راقية لغة ومضموناً- ولكنَّ إنتاج مثل هذا النوع من البرامج لا يحتاج إلى المال فقط كما يعتقد معظم العاملين في حقل الإنتاج البرامجي للأسف، بقدر حاجته إلى استقطاب متخصصين أيضاً في كتابة القصة وبناء المعلومة وأثرها، وكيفية إخراجها التليفزيوني، مع وجود ممثلين محترفين في الأداء ودبلجة الأصوات.
عالمياً يُعد مقطع الأطفال الشهير (للطفل جوني) الأكثر انتشاراً بكل اللغات والثقافات حول العالم، لأنَّه جمع بين بساطة اللحن والأداء الممتع للأغنية، والهدف التعليمي الذي يُناسب عقلية وفهم مختلف ثقافات الأطفال (بأضرار السكر وترديد الأكاذيب) عندما ينادي الأب (Johnny Johnny) جون جوني فيجيب الابن (Yes papa) نعم يا أبي، ليقول له هل تأكل السكر؟ ليرد جوني (No papa) لا يا أبتاه، ليسأله مرة أخرى هل تقول الأكاذيب؟ ليرد جوني (No papa)، فيطلب منه فتح فمه ويقهقه هههههه، بساطة الفكرة التي جاءت مباشرة دون تعقيد أو حاجة لكثرة الحركة والأكشن والمؤثرات والضوضاء، هي السر الذي يجب أن يستفيد منه منتجو الأغاني والأناشيد لأطفالنا ليلاً ونهاراً، خصوصاً تلك المليئة بالضوضاء والصراخ والمؤثرات التي تشتِّت عقل الطفل وتركيزه واهتمامه، وتجعل منه مهرجاً يقفز هنا وهناك، لا يستطيع إيصال رسالته أو التحدث بهدوء (والشواهد على ذلك كثيرة) يكفيك أن تفتح قنوات الأطفال العربية لتكتشف ذلك بنفسك.
لنتحدث بصراحة، دخول التجار من أصحاب تلك الفضائيات الخاصة مكان المربين والمتخصصين, مع عدم استعانة مؤسسات الإنتاج التي تزود القنوات غير الربحية بالبرامج والأفكار والأغاني والأناشيد (بهم)، هو الذي أحدث هذه الفوضى والتلوث السمعي والبصري في أذهان أطفال العرب للأسف، فمعظم شاشات التلفزيونات العربية تفتقر إلى برامج الأطفال التعليمية المحلية أو حتى تلك المدبلجة التي تدعو للقيم والفضائل الإنسانية والأخلاقية والتعليمية، بشكل يلبي احتياج المرحلة التي يعيشها أطفال هذا الجيل، تبدو الصورة لبرامج الأطفال العصرية غارقة في الأكشن والصراعات التقنية والتكنولوجية أكثر من القيم الإنسانية والدينية قبل ذلك، خلافاً للمشهد القديم عندما كانت اللغة والمضمون والهدف والرسالة السامية هما العنوان الأسمى لبرامج تعليمية وتربوية خليجية وعربية بقالب ترفيهي، وحتى تلك البرامج المدبلجة القادمة من خارج الوطن العربي والإسلامي التي تحمل معان وقيم وفضائل (أمم أخرى) تشترك معنا في الكثير منها، لتمثل منبراً مشرقاً للخير والسلام والتعايش والإنسانية، وهو ما نحتاج إليه اليوم ولو على طريقة جوني جوني.. يس بابا!
وعلى دروب الخير نلتقي.