أحمد المغلوث
عندما كنا على مقاعد الدراسة وكنا نقرأ في كتاب المطالعة مختارات من مقالات أدباء مشاهير من وطننا وعالمنا العربي. كنا نشعر بالفخر والاعتزاز بأننا بتنا ونحن في هذه المرحلة الابتدائية على علم بما كتبه هؤلاء الرواد من كتابات فكرية وثقافية عظيمة. وعندما بتنا بعدها نعشق القراءة والاطلاع. ونوفر من مصاريفنا البسيطة والمحدودة من أجل شراء مجلة أو كتاب. أو حتى المشاركة في اقتنائه كان يدفعنا شعورنا بأهمية الثقافة ودورها الكبير في تكوين الشخصية للإنسان. وكانت أيضا تشكل في وعينا أيامها أنها الإشعاع الفكري الذي يساهم في وحدة المجتمع أو الأمة. فكل مجتمع ناجح أو أمة تطورت وتنامت وبعدها أثرت في عالمها الواسع إنما جاء ذلك نتيجة طبيعية وحتمية لدور الثقافة الكبير في كل مجتمع. ومن هنا تنزع الأمم والأوطان إلى الأخذ بيد الثقافة مبكرا استجابة لدورها الكبير في تعزيز الرأي وتقوية الإرادة الوطنية وتوفير الأمن الفكري وبالتالي التقدم والرخاء وحتى الرفاهية. فالثقافة وما تشتمل عليه من إبداع أدبي وفني تعتبر فسيفسا الوحدة الوطنية مهما تعددت مذاهب وطوائف الوطن. وبسلامة الثقافة باكتمال قوتها وإرادتها تقوى الأمم وتتضاعف الهمم. وتوفر لمختلف الأجيال جوانب مشرقة وبلادنا ومنذ عهد المؤسس طيب الله ثراه أتاحت لأبناء الوطن التعليم والمعرفة. وبالتالي كانت الأبواب مفتوحة على مصراعيها أمام كل من يريد أن ينهل من بحر «المعرفة» المتلاطم الأمواج. الثري والغني. وكانت رغم محدودية المكتبات فيما مضى من زمن. إلا أن الفرصة متاحة لمن يريد أن يبحر في هذا البحر الواسع.. وكما يقال: «الأحدب يعرف كيف ينام» فما أكثر الطرق للحصول على الكتب والمجلات. رغم أن هناك رقابة مشددة في الماضي على نوعيات معينة من الكتب. لكن عشاق القراءة والاطلاع. لا يترددون عن السفر للدول المجاورة أو حتى البعيدة للاستمتاع بقراءة ما يعشقون ويحبون من مختلف المشارب والثقافات والفنون. لم يمنعهم مانع ولا حاجز.. ولاشك كان هناك فيما مضى الكثير من التحفظ وحتى المنع لنوعيات من الكتب التي كانت تراها عين «الرقيب» غير مناسبة لبلادنا.. وتمضي الأيام ليجد الوطن بل العالم. كل شيء بات متاحاً. بدون قفل ولا مفتاح.. اللهم إلا الوعي الذاتي. فالمواطن وحده في كل مكان في هذا العالم الواسع أمام عالم أوسع ومدهش ومتجدد في كل لحظة وحتى أقل من ذلك. كل السطور السابقة تهدف إلى القول بأن القافة باتت مهمة وتشجيعها والأخذ بيد مبدعيها من الأهمية بمكان. ولقد سعدت كل السعادة أنا وغيري بعدما جاء (الأمر السامي) بتشكيل هيئة الثقافة. هذه الهيئة التي انتظرناها طويلا. ولو أنها جاء ت متأخرة نوعا ما. لكن ينطبق عليها مقولة «تأتي متأخرا أفضل من لا تأتي» وها هي الآن هيئة « الثقافة « تشكلت من نخبة متميزة من أبناء وبنات الوطن. هؤلاء الذين تقع عليهم مسؤولية كبيرة في رفد ودعم مختلف الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية في وطننا الحبيب. لقد تجاهل بعض المسؤولين عن القطاع الثقافي في بعض الجهات في فترة زمنية طالت وامتدت لسنوات وليسمحوا لنا أن نقولها بصراحة عدم شمولية المتميزين من المبدعين والمبدعات في المشاركات والمناسبات والفعاليات الدولية فكانت المشاركات توجه لفئة فيها الكثير من المحسوبية والشللية وحتى القرابة أو لتوصيات من الزملاء والمعارف.. واليوم ومع الثقة الكبيرة التي أولاها معالي وزير الثقافة والإعلام لهذه المجموعة. نأمل أن تكون هناك عدالة وحسن اختيار. وأن تتاح الفرصة لكل مبدع ومبدعة. وفق الله كل من يعمل بإخلاص في سبيل ثقافة وطنية تشرق على الوطن بنورها المضيء للجميع.؟!