«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
عندما كنا أطفالاً وتتاح لنا مشاهدة بعض الحيوانات الأليفة داخل أحواش بيوتنا أو من خلال مشاهدتنا لهم عندما نذهب إلى نخيل وبساتين الأهل والمعارف. كنا نتعجب من رؤية الأبقار والماعز وحتى الأرانب والدجاج والطيور وهي تتحرك وتتطاير ولم يسبق أن شاهدناها وهي نائمة، وكنا نسأل آباءنا وأمهاتنا ألا تنام، وكانت الإجابة الفضفاضة نعم تنام، لكن إجابة لا تغني ولا تسمن من جوع.. وقبل عقود كانت لي زيارة مع الأبناء لحديقة الحيوانات بالرياض ومن خلال الحاجز الحديدي شاهدنا مجموعة من الحيوانات في وضعية النوم، بل هناك حيوانات لم تخرج من داخل غرفها كونها نائمة وقت زيارتنا هكذا كانت إجابة أحد العاملين في الحديقة.. ومع مرور الأيام ومن خلال القراءة اكتشفت مثل غيري أن النوم موجود في الحيوانات وحالة النوم تختلف من حيوان إلى آخر وأنماط وأشكال النوم في لدى هذه الحيوانات تختلف اختلافاً كبيراً بين العديد من أنواع الحيوانات وجميع الثدييات والطيور وكذلك في معظم الزواحف والبرمائيات والأسماك حتى الحيوانات البسيطة مثل الديدان والحشرات. وتستيقظ بعض أنواع الثعابين عند الظهر ثم تعود إلى النوم بعد ساعتين وتظل نائمة حتى منتصف اليوم التالي بينما تنام الأرانب ثم تستيقظ 16 مرة في الأربع والعشرين ساعة وبعض الطيور خفيفة النوم فهي تهب من نومها حالما تشعر بقرب أحدهم أو صوت غريب كدر نومها الهادئ على سعفة نخيل أو حتى غصن شجرة ليمون وبعض الطيور الأخرى لا تكاد تحس بشيء مطلقاً في أثناء نومها حتى ليتمكن الواحد من حملها ونقلها إلى مكان آخر وهي مستمرة في نومها العميق. ومن الأشياء اللطيفة التي قرأت عنها في مجلة (ساينس دايجست) أن الغوريلا التي عادةً ما تنام في فراشها الذي أعدته من أغصان الأشجار ليلتين متتاليتين لأنها تستيقظ مرات لتأكل الأوراق وتتسلَّى بأغصان فراشها (عشها) الذي تنام عليه! فإذا ما أشرقت الشمس كانت الغوريلا قد أكلت العش بالكامل! ومن الأشياء التي قد لا يعرفها أحد أن الفيلة تقيد بالسلاسل حين تنام لأن ذلك يشعرها بالطمأنينة وحتى الراحة وهي عادة تحدث شخيراً أثناء نومها وقد يصيبها كابوس فتكثر من الضرب بقدمها وتحريكها. وصدق أو لا تصدق أن بعض الحشرات تبدي أثناء النوم من الأعراض والحركات ما يشبه أعراض مرض المشي أثناء النوم، والنملة هذه المخلوقة العجيبة والمدهشة حين تنام تستلقي على جنبها ثم تقرّب سيقانها بحيث تلامس جسدها وحيتستيقظ تتمطى وتتثاءب بطريقة لا تختلف عنا نحن البشر. وفي أعماق البحار والمحيطات تختبئ بعض أنواع الأسماك في المياه الضحلة والطينية دافنة نفسها لتأخذ قسطاً من الراحة في النوم. وأسماك أخرى سبحان الله طوال يومها في حركة ونشاط لكنها قد تغفو خلال ذلك.. وماذا بعد.. بعض الطيور (بما في ذلك الدجاج والشحرور والبط البري وبعض العصافير) والثدييات المائية (بما في ذلك بعض الدلافين والحيتان، وأسود البحر والفقمة) يمكن أن تنام مع نصف من الدماغ. في حين أن النصف الآخر (كاملاً مع عين واحدة مفتوحة) سبحان الله ليكون في حالة تأهب للحيوانات المفترسة.. أو الغرباء..