عبده الأسمري
أنجز أعمالاً فضفاضة ارتدت «الحق» وأوجز سيرته في مناصب توشحت «التميز» سار عسكريًا وفكر قياديًا وخطط شوريًا وصدح شاعرًا وأبدع مثقفًا.. خطت يمناه قرارات مرحلة وأمضت على منعطفات تحول.
إنه مدير عام المرور السابق وعضو مجلس الشورى الأسبق الشاعر والأديب اللواء متقاعد عبدالقادر كمال أحد أشهر قيادات الأمن وأمهر رجالات الدولة.
بوجه دائري تحفه علامات الرسمية مسجوعًا بالنقاء مجموعًا بالبهاء واستقامة تعتمر الأناقة في بزة عسكرية ورداء وطني وكاريزما تحفها اللباقة في منطلق التخطيط ومنطق القول وعينان واسعتان وتقاسيم مألوفة تعلو سحنة حنطية تتشابه مع والده وتقتبس من أخواله تتقاطع فيها سمات «الحلم» وصفات «التعلم» ولغة فصحى عميقة تتقاطر منها مفردات مشكلة تأخذ من كل منطقة «لهجة» ومن كل قوم «عبارة» مليئة باعتبارات البلاغة ومسارات «الشعر» وموجهات «الأمن».
ظل عبدالقادر كمال طيلة عقود مسؤولاً بارزًا معتزًا بروح الوطنية عزيزًا بموضوعية «القرار» ومنهجية «الكلمة» ومثقفًا مهيبًا وزع التجربة «شعرًا» ونثر الخبرة « أدبًا. في ليلة رمضانية ولد في الطائف وسمي باسمه تيمنا بليلة قدر «محتملة» ثم نشأ في قرية الظفير بمنطقة الباحة مخطوفًا إلى أحاديث النقاء في قريته وموجبات التشاور في مجالس قومه فركض طفلا ارتشف نسمات الصباح من حقول القرى وتشرب الفلاح من أحاديث المزارعين. تعتقت روحه بنبل الجنوبيين واتسقت بعزائم الطيبين فعاش في بيئة بيضاء ترتهن لتربية صالحة رسمت خطوط سيرته الأولى في كنف والدين كريمين في ست سنوات عمر أولى.. ثم تذوق علقم «اليتم» بعد وفاة أمه فسبر أغوار غربة باكرة حولها أعمامه الذين انتقل للعيش بينهم في الطائف إلى «ألفة وتآلف وإلى إعانة عائلية تشرب منها معاني الوفاء ومكارم الاستيفاء».
سيرة مركبة ودرب منوع المهام متنوع الهمم حيث درس كمال الابتدائية والمتوسطة في الطائف ثم درس الثانوية بمكة وابتعث للقاهرة للدراسة في كلية الشرطة وبعد تخرجه ضابطا عمل 3 أشهر في شرطة العاصمة المقدسة، ثم عمل بجوازات مطار جدة عام 1379هـ إلى أن أصبح مديراً لجوازات مطار جدة في عام 1380هـ، ثم عين مساعداً لمدير مكتب مدير الأمن العام ثم مديراً للجوازات والجنسية في جدة برتبة نقيب ثم ترقىُ إلى رتبة رائد عام 1390، وعمل مساعد مدير عام الجوازات للشؤون العسكرية، ثم مديراً عاماً للجوازات بالنيابة عام 1401هـ.
ثم تم تعيينه مديراً لشرطة منطقة عسير عام 1403هـ. ثم مديراً عاماً للمرور ورئيساً للجنة الإدارية بالأمن العام عام 1408 هـ، وخلال عمله بالمرور كان قائداً لقوات أمن الحج، وفي عام 1413هـ ثم تعيينه مديرًا لشرطة منطقة مكة المكرمة، إلى أن تقاعد 1415هـ ثم اختير عضوًا للشورى من 1418هـ حتى عام 1430هـ.
عاصر عبد القادر كمال تحولات وتطورات العمل الأمني فكان «المايسترو» الذي أجاد المناصب متعددة الاتجاهات متمددة المهمات فارسا امتطى صهوة «البروز» بجهود الذات.. واقتبس فيها المثالية من العمق إلى الأفق مناضلا في توظيف الرؤى وتحقيق المراد... فامتلأت بزته العسكرية بالأنواط والأوسمة وتشبعت روحه بحس «وطني» وإحساس أمني.
ولأنه مسكون بالأدب مكنون بالثقافة مفتون بالكلمة فقد استبدل هيئته «العسكرية» ليرتدي بردة «الشعر» فأصدر ثلاثة دواوين شعرية بعنوان «رحيل الشموس» و»عُكاظيّات» و»معزوفة الريح» وسيصدر له قريبًا ديوان (جمرة الشوق) بالشعر النبطي، ويتجهز لإطلاق ديوانين شعر فصيح (حُلْوةُ البوح وسلوةُ الرّوح) و(أهْزوجةُ الحب) ومؤلف نثري بعنوان (طُيوفٌ ترسمها حروف). نصف قرن.. قرن فيها عبدالقادر كمال الأنصاف بالاحتراف.. مارس «الأبوة القيادية» ومنح «الإخوة الأمنية» ونشر «الزمالة المهنية» فاقترن اسمه بمزايا العقل وعطايا القلب.. فكان «مرجعا للشور» عمليا ومنبعا للسرور إنسانيا.. قضى زمنا رجل دولة نازل الصعاب ونجح باقتدار وامتاز باعتبار ومضى حيث تطلب «المنصات» ود البارعين في الخطاب والمنتج والرسالة.. متكئا على رصيد مديد فريد من الكفاح والنجاح.