نوف بنت عبدالله الحسين
بكت الألوان حين غادر (عصفور الفن) عشه مودعاً... وصرخ الصدى مذعوراً من حزنه الذي ظلمه... دعاؤه المرير على من ظلم... ورثاؤه الأخير في نفسه... وفاجعة الخبر...وانزواء الريشة وحداد اللوحة...
ذلك كان رحيل (فهد الحجيلان)... رحيل العظماء حين يتألمون يجعل كل من يعرفهم ومن لم يعرفهم يشاركونهم الألم... بيد أن (فهد) ألهم الشعور، وأذعن للغة اللون، وفهم غذاء البصر.. فأشبعه فنًّا وإبداعاً ورونقاً...
غادرنا فهد وقد حمل سر ظلمه معه... وأودع قضيته عند أعدل العدلاء وملك الملوك...عند ربه سبحانه متيقناً بنصره وهو يردد (اللهم إنك وعدتنا ألا ترد للمظلوم دعوة)...وأسلم روحه واستسلم للبارئ... وتركنا في حيرة الظلم والظلمات... ورعشة الألم ودمعة الفقد...
واليوم... نرى تلك الأعمال تتداول بكل دهشة... وكأنه اكتشاف جديد... واليوم نتحدث عن رمز من رموز الفن التشكيلي في بلدنا... واليوم تذكرنا فهد الحجيلان... إنما كان هذا اليوم بعد فوات الأوان...
كلّنا استعرضنا لوحاته وتاريخه...كلنا أشدنا بمدرسته ولغة ألوانه... كلنا نتغنى به... لكن... تأخرنا كثيراً جداً... وتذكرناه فجأة... بعد أن فارق الحياة...
دائماً نتأخر في حق المبدعين... دائماً نتذكرهم في الوقع الضائع... ودائماً نبكي جروحهم وآلامهم ونقر بمعاناتهم بعد أن يرحلون...
المبدع له الله... ونحن لنا الحزن والفاجعة بتقصيرنا وظلمنا وتجاوزنا في حقهم...
رحم الله فهد الحجيلان وغفر الله له... وقدّس روحه وعوّضه الله برحمته وأسكنه فسيح الجنّات... وأسأل الله تعالى أن ما أصابه تكفيراً لذنوبه ورفعة لدرجاته... لله ما أعطى ولله ما أخذ... والحمد لله من قبل ومن بعد..