ياسر صالح البهيجان
البطالة عادة ليست نِتاج شح في الفرص الوظيفية المطروحة في سوق العمل، وإنما بسبب محدودية مهارات العاطلين مقارنة بمتطلبات الوظائف المتاحة، أي تمامًا كما قال جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لشركة جي بي مورجان الأمريكية «هناك الكثير من الوظائف المطروحة، والمشكلة هي أن الكثير من الناس لم يتلقوا التدريب بشكل صحيح».
فجوة المهارات مصطلح ذائع الصيت على المستوى العالمي، ويعني أن المهارات التي يطلبها أرباب العمل في وادٍ وقدرات العاطلين في وادٍ آخر، وكأننا إزاء شخص يريد أن يتجه إلى الرياض ونقوم بإعطائه خريطة توجهه إلى جدة!
يقع على عاتق مؤسسة التدريب التقني ووزارة العمل ووزارة التعليم مسؤوليّات جمّة لسدّ تلك الفجوة في المهارات، ولا بد من تكامل جهودهم عبر استخدام تحليلات القوى العاملة لمواءمة خيارات التعليم ما بعد الثانوي بشكل أفضل مع الفرص التجارية التي تنتظر الطلاب بعد التخرج، مما يساعد على تقليص فجوة المهارات في البلاد.
يقول أنتوني كارنيفالي، مدير مركز التعليم بجامعة جورجتاون، وهي مؤسسة أبحاث غير ربحية «يحتاج المتعلمون والعمال إلى نظام توجيه حديث يحتوي على معلومات واضحة وشاملة تساعدهم على اتخاذ قرارات جامعية ومهنية جيدة».
ثمة تجارب دولية ناجحة في هذا الصعيد وحريّ بالجهات المعنية الاستفادة منها، فمثلاً أطلق مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك خدمة معلومات سوق العمل، وأنشأ خرائط مهنية تسمح للطلاب التخطيط لمسارات مهنية باستخدام مخططات انسيابية للتقدم الوظيفي الأكثر شيوعًا بناءً على العمل المتوقع توفره عند تخرجهم، تشمل المرتب السنوي المتوسط لكل منصب، والمتطلبات التعليمية النموذجية اللازمة لملء كل وظيفة.
ما فعله المركز يحل أزمة لعبة التخمين التي يمارسها الطلاب عند اختيارهم التخصصات الجامعية أو التقنية والفنية، وفي الغالب يفشلون في التنبؤ بمسارات الوظائف التي تناسب مهاراتهم ويصطدمون بطلبات سوق العمل التعجيزية.
ثم إن على القطاع الخاص أيضًا دورًا رئيسًا في مسألة حلّ معضلة فجوة المهارات لدى الشباب، فما الضير من أن تقدم لهم دورات تدريبية متخصصة تتناسب مع متطلبات الوظائف المطروحة لديها، وإن كان تحت مظلة المسؤولية الاجتماعية، وتحديدًا الشركات الوطنية الكبرى التي تحظى بتسهيلات حكومية متعددة، ولا بأس من تحفيز تلك المؤسسات التجارية بتقديم بعض الإعفاءات الضريبية لكي نبني جيلاً شابًا قادرًا على ممارسة دور أكبر في تنمية الاقتصاد الوطني.