د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
تقاطرت الطروحات في شأن المرأة في بلادنا، واعتلت منصات القول في رواقها المحلي وفي خارج الوطن، ودار الحديث في مشارب شتى في المكانة والتمكين ومستوى التعزيز وحجم المساواة؛ ودخل واقع المرأة السعودية معامل التقييم الخارجي وهو لم يدلف مراكزنا البحثية لتقدّمها بصورة منصفة نتخطى بها حجاج العالم، والحقيقة في كل ضروبها ومناحيها أن المرأة السعودية عندما تشرق هنا من خلال إعلام متفوق قوي يرصد المنجز النسوي النهضوي، فحتماً سوف تشرق المرأة هناك في بيئات وقفت احتراماً لعقول نسائنا اللاتي حلّقن بأجنحتهن نحو تلك البيئات من بوابات عديدة (التعليم العالي والمشاركات الدولية المنبرية والفكرية في العلوم والفنون والآداب)؛ وفِي الشأن النسائي في بلادنا حضرتْ منصات خلاّقة؛ وكانت خريطة الدروب النسائية واضحة المعالم تتناثر فيها مقومات التمكين النهضوي والتعزيز من قبل القيادة الرشيدة الذي جعل المرأة تحمل أدوات العبور وتُحسنُ السير بانسيابية، حيث كان التعليم وانتشاره كوة ضوء عميقة حملتْ البدايات النهضوية للمرأة السعودية والتحولات السريعة القافزة ورسم التعليم طروس الوعي؛ فاستطاعت نساؤنا باقتدار تحويل القيم الإسلامية إلى قيمة عليا تُصاغ وتفعل؛ ومهدت البوابات لدخول العصر الحديث في كل متكأ تحتاج إليه النساء، واتسعتْ النطاقات التي تعمل فيها المرأة؛ وتكوّنت منصات مهنية ذكية ظهرت كنواة لصناعة مستقبل مختلف، ودفعت السياسة الحكيمة المرأة السعودية نحو تكريس مفهوم المشاركة الوطنية، وانبثقتْ عن ذلك المفهوم قدرات نسائية تمكنت من اصطياد اللحظات الملأى؛ واقتناص فرص الوطن التي أصدرتها الدولة لتصب منافعها في ساحات النساء؛ فدخلت المرأة السعودية إلى مجلس الشورى وجالت في مضمار القيادات العليا في الدولة؛ وتربعت على المنابر الخارجية والمنظمات الدولية لتتحدث عن مضمارنا الخصيب وتعرض أوراقنا البيضاء التي تفكك ثورات الشكوك أمام العالم الناهض وتنبئ عما توافر في بلادنا من قرارات التمكين وقواعد انطلاقة النساء نحو حقول الحصاد؛ ودخلت المرأة بوابات الوزارت الخدمية والتنظيمية ومؤسسات المجتمع المدني في الدولة لتسهم في أشكال النشاط المعرفي والاقتصادي والسياسي والصحي والرياضي؛ واستمرت شامخة باسقة في أدوارها من منظور شرعي يحفظ لها حقوقها وطبيعتها وجلبت لها بلادنا وقيادتنا مساحات شاسعة للفعل والتجربة والتطوير حتى بدا حراك المرأة السعوديةالوطني التنموي وهو يغادر الأدوار التقليدية، وتقدمت المرأة نحو التمكين لتسهم بواجهات براقة في ترقية واقع مشاركة السيدات في صناعة القرار التنموي الذي أوقدت له منصات الترحيب وعقدت له حلقات النقاش.
وتبقى العقول النسائية السعودية تنسكبُ منها المزن ويورق منها ما يُشكّلُ حياة المجتمعات السعودية النامية وتضمرُ للغد صحائف ملأى برونق الحضارة التي امتدت وتطورت في عهودنا الوارفة المتوالية؛ وعلينا حين نتحدث أو يتحدث غيرنا عن تقييم واقع المرأة السعودية أن نبحث عن منصاتنا الأصلية ونسرج خيولنا في محيطها لنجلب لها كل أدوات النمو والتطوير بما يتوافق مع قيمنا الإسلامية وتوجهات القيادة الرشيدة، وألا نستنسخ صوراً من المجتمعات الأخرى قبل تمتين منصاتنا الداخلية؛ وردم الثقوب التي تعيق الحراك التنموي الذي أشعلت شموعه بلادنا في محطات النساء ومنائرهم..
يا موطنا لَبس النساء قلائدا
فيه تدلّتْ مثل زُهْر الكوكبِ
قد كنتُ قبل اليوم أعشقُ وِرْدكم
واليوم أشعلُ من ضياكم مركبي